بيروت - لبنان

21 أيار 2021 12:18ص كيف سيؤثّر «رفع الدعم» على سعر صرف الدولار؟

حمود لـ«اللواء»: مصرف لبنان لا يستطيع سحب يده من الدعم.. والحكومة أساس الحلّ

سمير حمود سمير حمود
حجم الخط
تلوح معضلةُ «رفع الدعم» منذ أشهرٍ في الأفق، تتصدّر عناوين الصحف ونشرات الأخبار وحديث النّاس بين يومٍ وآخر، وتعود على المواطن بسيناريو يرعبه إذا تخيّل الوضع في حال توقّف مصرف لبنان عن دعم السّلع الحياتية والمعيشية الأساسية من الغذاء إلى الدواء إلى البنزين.. فالجميع يترقّب نهاية الشّهر الحالي، ورغم إصرار حكومة تصريف الأعمال على عدم انتشال يد الدّولة من الدعم قبل تطبيق الحلّ الذي تعمل عليه أي «البطاقة التمويلية»، يكثر الحديث اليوم استباقاً عن مدى تأثير رفع الدّعم، إذا طُبّق، على سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللّبنانية وعلى المواطن، فما هو التّحليل الاستباقي لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال رُفِع الدّعم من هذه النواحي تحديداً؟

5 إلى 6 مليار دولار 
حجم زيادة الطلب 
وفي حديثٍ خاصّ ل»اللواء» مع الرئيس السابق لهيئة الرقابة على المصارف سمير حمود، وبعد سؤاله عن مدى تأثير رفع الدعم كاملاً على سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، يوضح بدوره أنّ «ما يقوم به البنك المركزي هو بيع الدولارات وليس الدعم لأن العملة الصعبة مطلوبة من قبل التجار وهو بالمقابل يبيعها على سعر ١٥٠٠ ل.ل. أو  ٣٠٠٠ ل.ل. ، ففي حال توقف عن ذلك، سيلجأ التجار عندها للتفتيش عنها في السوق السوداء، ولا شك أنّ الدولار كما هو معروف، يصل سعر صرفه بحسبها إلى حوالي ١٢٠٠٠ ل.ل. للواحد فقط، فعند توقف المصرف المركزي عن البيع، سيزداد الطلب على حوالي ٥ إلى ٦ مليار دولار حسب سعر السوق السوداء وهذا سيؤدي إلى الضغط على الليرة اللبنانية وعلى الدولار وبالتالي إلى ارتفاع سعر صرفه مقابلها.»
ويلفت إلى أن «ما يسمى ب»الدعم»، ليس لكل الكميات ويجب أن يقابله إستهلاك مقبوض، لكن عندما ترتفع الأسعار يصبح الإستهلاك أقل، مما يؤدي إلى طلب منخفض و شراء أقل، مثلًا حتى في حال إرتفاع سعر البنزين رغم أنه حاجة ملحة سينخفض الطلب عليه، أي مثلاً بدل تزويد ثلاث سيارات في البيت منه سيتم تعبئة واحدة فقط، بالتالي هذا سيؤدي إلى ترشيد الإستهلاك أكثر من ترشيد الدعم، أي مفردة «ترشيد الدعم» لا معنى لها فالمصرف يبيع دولارات لا يدعم».
ويسأل بشكّ: «هل يستطيع مصرف لبنان يا ترى أن يرفع السعر أو يلجمه عندما يتوقف عن بيع الدولارات بالسعر الرسمي الرخيص للمواد الحياتية والمنتجات كافة؟»، أي برأيه، «مصرف لبنان لا يمكن أن يسحب يده بشكل كامل من زمام الأمور بل جزئيّاً فقط»، يقول حمود. ويفسر في هذا الإطار أن «المصرف سابقاً كان يرتكب الأخطاء لبقاء الدولة لكنه اليوم يرتكبها مجدداً لبقائهم هم»!
وعن علاقة المنصة التي أطلقها مصرف لبنان بهذا الملف لتثبيت سعر صرف الدولار على سعر ١٠٠٠٠ل.ل. يوضح حمود بأنها «تعويض كي يضخّ المركزي بعض الدولارات للتجار وتدريجياً لتكون مصدراً للناس التي تصرّف الكثير من الدولار في البلد، وهي محاولة ممكنة لكن دون جدوى، ففي حال لم يجد التجار الدولار في المصارف أيضاً، سيلجؤون للسوق الحرة مجدداً والتي سترفع سعر صرف الدولار أكثر».
ويؤكد حمود أنه «دون حل شامل سيبقى الوضع انتقالاً من مشكلة إلى أخرى والحل يكمن في حكومة تحظى بالثقة وبصدمة إيجابية عند الناس، كي تستطيع هيكلة النظام المالي والمصرفي بشكل صحيح ابتداءً بخزينة الدولة وبمنح الأمان والإطمئنان حول كيفية استرجاع الأموال المنهوبة، وفي حال اللجوء إلى تقديم المساعدات يجب أن تكون بالليرة اللبنانية، وذلك أيضاً يجب تطبيقه عبر حكومةٍ ذات كفٍّ نظيف والأهم هو عدم الإستدانة بالعملة الأجنبية كي لا نقع في الخطأ ذاته مرة أخرى.»

بُحصلي: المواطن لا يستفيد
وعن جملة «لا داعي للهلع» التي صرّح بها نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بُحصلي خلال ظهوره في تقريرٍ على إحدى المحطات التلفزيونية، يوضح هذا الأخير أنّ «هذا نتج عن توهُّم النّاس نتيجة أخبارٍ معينة أن جميع السلع ستضرب أسعارها بثلاثة أضعافٍ في حال رُفِع الدعم، لكن هذا غير صحيح فمعظم السلع الموجودة اليوم في المتاجر غير مدعومة، إلا أنّ هذا لا يعني أنّ الوضع جيّد، لا بل هو سيّئ ولكن ليس بالسوء الذي تصوّره بعض وسائل الإعلام، أي لا يجب أن يتأثر المواطن بكلّ الأخبار.» أمّا عن سؤاله حول مدى تأثير رفع الدعم يجيب بحصلي أنّ «أي سلعة مدعومة عندما يرفع الدعم عنها حكماً ستصبح أكثر بضعفين ونصف أو بثلاثة أضعاف، لكن المفارقة أنّ المواطن اليوم لا يجد البضائع المدعومة بكميات كافية وبالتالي لا يستفيد بشكل كامل من آلية الدعم، أي أنه لن يتأثر سلباً بشكل كبير في حال توقف الدعم.»
بالمقابل يعبّر عن خوفه ويحذّر من أنّه «وفي حال رفع الدعم عن قطاعات أخرى مثلاً كالمحروقات والأدوية، فهذا يعني أنّ هؤلاء التجار سيؤمنون الدولارات من السوق السوداء، ما ينتج زيادة الطلب على الدولار وبدوره سيتأثر سعر الصرف سلباً»، ويتابع: «نخشى أن يرتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة أكثر لأنّ هذا تلقائيّاً سيرفع أسعار السلع أيضاً، لكن ما من شيءٍ مؤكّد خاصةً في حال وجود منصة مصرف لبنان والمصارف فيجب أن يكون دورها إبجابيّاً من خلال ضبط السوق وتحديد الأسعار على نسبٍ حسب العرض والطلب.» ويشدّد بدوره أيضاً على أنّ «الحل الشامل يكمن في تشكيل حكومة وليس في اعتماد البطاقة التمويلية فقط والتي يتم الحديث عنها منذ أشهرٍ ولم تنفّذ بعد، ويجب بعد تشكيلها إيجاد حلول مع الجهات المانحة لتوفير العملة الصعبة، فأيّ حلٍّ بعيداً عن هذا الإطار يكون مضيعةً للوقت وشراءً لوقتٍ إضافي قبل الوصول إلى الكارثة.»
تجمع الغالبيّة إذاً، على أن الحل الجذري هو سياسي بحت، عبر تشكيل حكومة ذات ثقة وكفّ نظيف، ما يعني أنّ هذه الخطوة ستكون باباً لمعالجة العديد من الملفات وليس فقط ملف رفع الدعم، رغم أنّ حكومة تصريف الأعمال تصرّ على ضرورة إبقاء الدعم الجزئي على السلع الأساسية، بحوالي مليارين ونصف مليار دولار في حين يحذّر المصرف المركزي من قرب نفاذ الإحتياطي كما يزعم... فما هو الحال الذي على اللبنانيين انتظاره إذاً؟ وهل حقّاً سيشهدون رفعاً كاملاً للدعم وبالمقابل ارتفاعاً بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية أكثر ممّا هو عليه اليوم في السّوق السوداء؟ لا جواب يحسم كلّ هذه التساؤلات، فقد اعتاد المواطن أساساً أن يعيش «كلّ يوم بيومُه».