حدّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني «اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة» القرار 54/134.
والمفترض أن يكون الهدف من هذا اليوم هو رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرّض لها المرأة حول العالم مثل الإغتصاب والعنف المنزلي وغيره من أشكال العنف المُتعددة...
وعلاوة على ذلك فإن إحدى الأهداف المُسلّط الضوء عليها هو إظهار أن الطبيعة الحقيقية للمشكلة لا تزال مختفية.
في لبنان جمعيات كثيرة تعمل جاهدة لمناهضة العنف ضد المرأة، وفي مقدمتها جمعية «مساواة - وردة بطرس للعمل النسائي» التي تسلّط الضوء منذ سنوات على مخاطر هذه القضية وتحاول جاهدة تطوير القوانين ومواجهة أي عنف يمارس تجاه المرأة.
إنطلاقا من هذا الواقع، ولمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، ارتأت جمعية «مساواة - وردة بطرس للعمل النسائي» بالتعاون مع جمعية «فلاما» أن تنظم هذا العام لقاء تكريمياً للقاضي الرئيس جون قزي تقديراً لدوره الرائد في دعم قضايا المرأة وفي التشريع للمساواة بينها وبين الرجل، وذلك في المركز الرئيسي للاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، بيروت.
حضر التكريم رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان النقابي كاسترو عبد الله، وعدد كبير من رئيسات ورؤساء وممثلي وممثلات الهيئات النقابية والنسائية والتعليمية والمهنية، إضافة الى ممثلي وسائل الإعلام.
افتتح اللقاء بكلمة رئيسة جمعية مساواة - وردة بطرس للعمل النسائي د. ماري ناصيف الدبس رحّبت خلالها بالقاضي جون قزي وبالحضور.
العنف ضد المرأة تكرّسه القوانين
«اللواء» حضرت اللقاء، وعادت بالآتي:
{ د. الدبس أكدت «أن العنف والتمييز ضد المرأة تكرّسه القوانين المرعية الإجراء في لبنان، بخاصة قوانين الأحوال الشخصية الطائفية، التي تمنع تحقيق المواطنة والمساواة بين المرأة والرجل، والتي هي مرتبطة بطبيعة النظام الطائفي في لبنان، الذي بدوره يمنع الاجتهاد ويعاقب من يقوم به من أجل إعطاء المرأة حقوقها»، مشيرة إلى «أن هذا ما حصل مع القاضي قزي عندما حكم بحق أم لبنانية متزوجة من غير لبناني بإعطاء جنسيتها لأولادها».
تضيف: «في ظل الأزمة الإقتصادية - الإجتماعية غير المسبوقة ازدادت معدلات الفقر بنسب مهولة وأقفلت العديد من الشركات مما أدّى الى تسريح آلاف العمال، وهي كلها من أشكال العنف الذي نعيشه، والمرأة هي أكثر الفئات المعرّضة له.
من هنا ضرورة النضال من أجل إلغاء التمييز ضد المرأة والعنف في المنزل وفي أماكن العمل، بدءاً باتفاقية حقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وصولاً إلى الاتفاقية 190، وتعديل القوانين التي تعيق مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات، وفي الأولوية إقرار قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية».
القاضي قزي
بدوره، أبرز القاضي جون قزي «تخلّف قانون الجنسية اللبناني وتمييزه ضد المرأة، حيث يحرم المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني حقها بمنح جنسيتها لأولادها»، مشيراً إلى أنه «في المقابل يحق للمرأة الأجنبية المتزوجة من لبناني بمنح الجنسية اللبنانية إلى أولادها القاصرين، وهذا تمييز كبير بحق المرأة اللبنانية، ويزداد التمييز إلى حد إهانة كرامة المرأة، وكرامة الإنسان، من خلال إمكان منح الأم اللبنانية لجنسيتها بحالة ما يعرف بمكتومي القيد». يقول: «بحسب النص «يعتد المشترع بحق الدم من جهة الأم لإضفاء الصفة اللبنانية على الولد غير الطبيعي، وذلك متى كانت هي الأسبق في الاعتراف بالبنوّة من ناحية، وتحمل الجنسية اللبنانية وقت الاعتراف، من ناحية أخرى المادة 2، قرار 15».
وأكد قزي «أن قرار منحه حكم إعطاء الجنسية اللبنانية لأولاد قاصرين من أم لبنانية متزوجة من أجنبي، متوّفٍ، وتسجيلهم على خانة والدتهم في سجل الأحوال الشخصية، هو حكم يُعد سابقة في تاريخ القضاء اللبناني، وقد استؤنف الحكم وفسخ، وانطلق في حكمه من اجتهاد في قضايا الأحوال الشخصية ومنح الجنسية، في نصوص قانونية قابلة للاجتهاد، ومن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وتطبيق التزام الحكومة اللبنانية بالمعاهدات الدولية التي تنص على المساواة بين الرجل والمرأة في قضايا حق المرأة بمنح جنسيتها لأبنائها».
يضيف: «إن مجموعة من القوانين الدينية تتولّى تنظيم قضايا الأحوال الشخصية، ومن بينها الزواج دون شك، لكل طائفة من الطوائف بشكل مستقل، وجميعها لا تعترف بالزواج المدني.
إن الزواج في لبنان، وطبقا لأنظمة الطوائف المختلفة، هو مؤسسة دينية لا يمكن إبرامه فيه، إلا وفقا لإحدى الشرائع الدينية المعترف بها، فلا يوجد بالتالي قانون مدني موحّد يرعى جميع المسائل المتعلقة بالحقوق العائلية».
ولفت قزي إلى «أن المشترع الذي لا يعترف بالزواج المدني في لبنان، فإنه نفسه يعود ويعترف بمفاعيل هذا الزواج عندما يعقده لبناني في الخارج وفقاً لشروط محددة، وبالتالي فإن المعادلة باتت تقوم على المواءمة بين موجبات الخصوصية الطوائفية التي تحظر، ومقتضيات الحاجة والتطوّر التي تبيح وتبرّر، فبات القاضي اللبناني يحكم بإسم الشعب اللبناني تبعا لمندرجات القانون الأجنبي، في إشكالية فريدة من حيث شموليتها حالات تطاول الأحوال الشخصية لفئات عريضة من المجتمع، كما ومن حيث نتائجها ومفاعيلها بالنسبة الى الزوجين كما وبالنسبة الى آليات تنفيذها».
الحسيني
{ عضو لجنة حقوق المرأة في لبنان خديجة الحسيني رأت «بأنه لا بد من مواجهة العنف ضد المرأة، وذلك من خلال التوجه إلى القوانين. لأننا بالقانون فقط نحفظ حق النساء، فالقانون هو السند الوحيد لكل إمرأة في وجه العنف، شرط أن يكون هذا القانون بالمستوى المطلوب.
وهنا إسمحي لي أن ألفت بأن قانون العنف ضدالأسرة الذي صدر ليس بالقانون الذي نطمح إليه.
من هنا ضرورة أن نعمل ونسعى معا إلى توعية المجتمع وإلى تطوير القوانين لنتمكن سويّا من مواجهة العنف المستشري ضد المرأة».
هذا، وقد اختتم اللقاء بتقديم درع تكريمي، بإسم جمعية مساواة وردة بطرس، للقاضي جون قزي تقديراً لمسيرته النضالية من أجل حقوق المرأة.
بدوره أهدى قزي كتابه «الزواج المدني» الى جميعة مساواة وردة بطرس والاتحاد الوطني لنقابات العمال.