بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيار 2019 12:02ص من «أنين» آمنة و«إيمان» إبنتها محمودية الفقر يستصرخ ضمائر «أهل الخير»

المواطنة يسيرة تستنجد المواطنة يسيرة تستنجد
حجم الخط
«رمضان كريم، والله أكرم» بهذه الكلمات تبدأ الحاجّة آمنة حديثها، بعدما عايشت الفقر بكل أشكاله، والمرض بكل أنواعه، ومع هذا فإنّ إيمانها بالله كبير، وهي على قناعة تامة بأنّه لا يتخلّى عن عباده، بل يسخّر لهم مَنْ يساعدهم، ويقضي حوائجهم، تماماً كما تعيش هي.

الحاجّة آمنة تعيش مع ابنتها المريضة «محمودية»، في منطقة باب التبانة شارع سوريا، منذ سنوات طويلة، بعدما كانت تكافح في سبيل تربية ابنها المُقعد، الذي توفي منذ سنة تقريباً، لتبقى ابنتها التي تعاني هي أيضاً من مرض مزمن.
هي قصة من آلاف القصص، التي تعيشها العائلات الفقيرة، ضمن الأحياء الشعبية لمدينة طرابلس، وإنْ كانت منطقة باب التبانة تضم العدد الأكبر منهم، ومع حجم «الأنين» يبقى «الإيمان» أقوى بكثير، وبأنّ فرج الله قريب، ولولاه لما كان بمقدور هؤلاء الناس تخطّي المشقّات، فهل سيحظى «المواطن الفقير» بعناية دولته؟.

إنْ كان الجواب «النفي القاطع»، فحتماً يبقى أصحاب الأيادي البيضاء وفاعلو الخير، الذين ينشطون خلال هذا الشهر الكريم، بمد يد العون لكل محتاج طمعاً في «المغفرة والتقرب من الله».

مأساة وأمل بالله

وروت الحاجّة آمنة سعيد درويش إلى «اللواء» فصول مأساتها، قائلة: «توفي زوجي منذ سنوات طويلة، تاركاً لي ولدين، شاب وصبية، شاء القدر أنْ يعانيا مرضاً مزمناً في العظام، فعاش إبني طيلة حياته مقعداً، إلى أنْ توفي منذ حوالى السنة، أما ابنتي فتعاني من أورام في جسدها ورجليها، وبالطبع تحتاج للعناية الدائمة، ولم يكن بإمكانها الزواج بسبب وضعها».

وتابعت: «طبعاً زوجي لم يترك لنا شيئاً نعتاش منه، لكن الله كريم لا يترك الفقير، فهو لا يترك «النملة» بلا أكل، فكيف يتخلّى عنّا؟ هناك كثيرون من أهل الخير يقدّمون لي المساعدة، وقد يكون الجيران أنفسهم، بالرغم من الأوضاع الصعبة التي يعانون منها، بيد أنّنا في منطقة باب التبانة لا نزال نعيش كعائلة واحدة، مَنْ لديه القدرة يمد جاره بالمساعدة، الحمد لله نعيش مستورين».

وردّاً على سؤال قالت: «كنتُ في ما مضى أعمل في الخدمة المنزلية، وأصرف على ولدي، لكن مع تقدّم العمر لم يعد بإمكاني ممارسة أي عمل، وبالكاد أستطيع خدمة ابنتي المريضة، التي أخاف عليها من الزمن، خاصة إذا انتقلتُ إلى رحمة ربي، من هنا فإنّني أناشد أهل الخير تقديم العون لنا، ربما يمكننا تأمين قوتنا اليومي».

وعن الأقارب قالت: «عشتُ حياتي يتيمة الأم والأب منذ الصغر، وتولّت خالتي تربيتي، ومن ثم تزوّجت من رجل مريض، أورث المرض لأولاده، وبعد وفاته عانيتُ الصعاب في سبيل تربيتهم. هذه هي حياتي، وهذا هو قدري الذي أحمد الله عليه صباح مساء. جُلُّ ما أتمناه هو أنْ يتوفّاني الله على الإيمان الكامل، ويُحسِن خاتمتي فلا أمرض ولا أصبح مُقعدة».

وفي ما يتعلق بشهر رمضان، أشارت إلى أنّه «شهر الخير والكرم، وبفضل الله تأتينا المساعدات، كون الله لا يترك أحداً، بل هو بمشيئته يسخّر الناس لخدمة بعضهم، وهذا هو ظنّي بالله سبحانه وتعالى، فما من إنسان يموت جوعاً، لكن أخاف على إبنتي من مرضها، وأخشى أنْ تسوء حالتها، فلا أعود قادرة على علاجها».

وأكدت الحاجّة آمنة أنّ «عادات شهر رمضان لم تعد كالسابق، ربما بسبب معاناة الناس، وربما بسبب قلّة الإنسانية لدى الناس، ونادراً ما نرى مَنْ يتمنّى المساعدة، أو نسمع مَنْ يشكر ربه على نعمه الكثيرة. الطمع نال من قلوبنا وعقولنا، وربما لهذا السبب وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم».

محمودية الأسعد، إبنة الحاجّة آمنة قالت، والدموع تملأ عينيها: «منذ الصغر وأنا أعاني المرض، الذي حرمني من كل شيء، فلا يمكنني أنْ أتزوج، ولا أنْ أعمل. هكذا بقيت عالة على والدتي. ماذا أفعل؟، لمَنْ أشتكي؟ أتضرّع إلى الله أنْ يُنهي أوجاعي، إما بالشفاء واما بالموت».

وأشارت إلى أنّ إحساسها بالعجز يرهقها دائماً، وهي تعلم بأنّه لا شفاء لحالتها، بيد أنّها تتمنّى حياة أفضل، وأموراً من شأنها أنْ تُدخِل البهجة الى قلبها.

محمودية ومعاناتها مع المرض


حالة من الفقر

حالة أخرى، روت إلى «اللواء» حالتها، فقالت يسيرة السجناوي: «نعيش حالة من الفقر يعجز اللسان عن وصفها، بيد أنّنا نشكر الله في كل الأحوال، عندي أربعة أولاد، وزوجي يعمل على بسطة لبيع الخضار، لكن بسبب الملاحقة من قِبل بلدية طرابلس، فإنّنا نعاني بشكل مستمر، ومنذ فترة تم تكسير البسطة، فإلى مَنْ نلجأ لنشتكي؟ الفقير مُلاحَق في لقمة عيشه، وبدلاً من أنْ يلقى الدعم من الدولة، نجدها تهدّده في لقمة عيشه».

يسيرة رأت أنّ «الحياة صعبة، وهي حتماً تنعكس سلباً على أولادنا، الذين يبقون بلا علم بسبب أوضاعنا المعيشية الصعبة، وجُلُّ ما أتمناه هو أنْ تتبدّل الأحوال، وتتحسّن، وأملنا كبير برب العالمين».