بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 كانون الأول 2022 12:00ص مهرجان «بيروت ترنم» عابر لكل العهود وصناعة للأمل

أبي سمرا: هدفنا أن تبقى بيروت حرَّة ومنارة للانفتاح الثقافي

لقطة من إحتفال «بيروت ترنم» في جامعة الحكمة لقطة من إحتفال «بيروت ترنم» في جامعة الحكمة
حجم الخط
ها نحن اليوم أمام النسخة الخامسة عشرة من سلسلة «بيروت ترنّم» للتأكيد على أن بقاء هذا «المهرجان»، عابر لكل العهود وحاضر كما كان دوماً، سواء قبل الأزمة المالية أوبعدها، قبل تدمير بيروت، أو بعده، قبل الجائحة أو بعدها، كونه باختصار يجسد صناعة للأمل.
كيف لا؟ وهو المهرجان الوحيد في لبنان الذي منذ العام 2007 فتح برامجه الموسيقية الكاملة للجمهور اللبناني من دون أي مقابل، فكان منصّة للمواهب اللبنانية والجوقات والأوركسترات الناشئة.

أبي سمرا
لتسليط الضوء أكثر على مهرجان هذا العام، التقت «اللواء» رئيسة «بيروت ترنم» ميشلين أبي سمرا، فكان الحوار الآتي:
أكثر من تحدٍّ
{ رغم كل الظروف الصعبة التي نمر بها، هناك دوما إصرار من قبلكم وتحدٍّ إن صح التعبير لإجراء هذا «المهرجان»؟
- المسألة أصبحت أكثر من تحدٍّ، لأننا جميعا نتألم وكلنا في نفس الوضع الصعب، هذا ما جعلنا نلحظ إلى أن إقامة «المهرجان» باتت حاجة وضرورة ملحة كي لا نستسلم ونبقى متمسكين بمدينتنا، لنواجه هذه المرحلة الصعبة بقوة الإرادة والعزيمة، وندرك أن ما نمر به مجرد مرحلة، وكل هذه الصعاب ستمر، لكن بانتظار ذلك لا يمكننا أن نترك مدينتنا تموت.»
الموسيقى حق للجميع
{ بماذا يختلف مهرجان هذا العام عن سواه؟
- كما تعلمين رسالة مهرجان «بيروت ترنم» بدأت منذ 15 سنة وكل سنة رسالتها كانت هي نفسها: الموسيقى حق للجميع ويجب ان تكون هذه الثقافة بمستوى عال .
والحقيقة أن هذا ما أثبته جمهور مهرجان «بيروت ترنم»، وهو إن استمر فهو لأجل هذا الجمهور الداعم الأساسي لهذا «المهرجان» الذي يعطينا قوة الإرادة لنستمر لأجله، ولا سيما أنه يظهر كل الإحترام والتقدير، خصوصا أن هذا الرقي قليل ومن النادر أن تجديه.
والدليل على ذلك، أن العازفين والموسيقيين الذين يأتون من الخارج يتكلمون عن أهمية هذا الجمهور ومدى تذوقه للفن والإحساس الذي يتمتع به، هم حقيقة متفاجئين».
 حتى آخر نفس
{ هل واجهتم صعوبات معينة؟
- الصعوبات كبيرة جدا لكن لا لزوم للتحدث عنها، لأننا بالأساس ندركها جيدا، لكن في نفس الوقت لا يمكنك أن لا تضعيها في حساباتك، خصوصا في بلد منهار من كل الجهات.
ربما يتفاجأ البعض أن هناك عددا كبيرا من اللبنانيين والسفارات الأجنبية والمراكز الثقافية التي ما تزال تحترم الموسيقى والثقافة لإيمانها بأن الأوطان لا تبنى إلا بالثقافة، كونها اللغة الجامعة والعالمية .
وهنا، علينا أن لا ننسى مشروع «بيروتتنا» الذي من خلاله أضفنا السعادة في صفوف الكثيرين، والحقيقة أن عبير نعمة من خلال أمسيتها أبدعت فرتلت وغنت وأنشدت والحضور كان ما يقارب الـ 5 آلاف شخص .
أعدنا إحياء ساحات وسط المدينة، وهنا لا ننسى تجار بيروت الذين تكبدوا خسارة كبيرة من خلال إقفال محلاتهم، لذلك «بيروتتنا» تحاول ان تساعد القطاع الخاص برغم كل التحديات .
وهنا لا بد من أن نوجه تحية إكبار لكل أصحاب المتاجر التي تدمرت مؤسساتهم وأرزاقهم لكنهم لم يستسلموا وما زالوا يقاومون حتى آخر نفس».
«السيستيما»
- ماذا عن مشروع «السيستيما»؟
«كانت هناك مسابقة شاركنا بها وتمكنا من ربحها، والجدير بالذكر أن هذا المشروع انطلق عام 1975 في «فنزويلا» بفضل جهود المايسترو «خوسيه أنطونيو أبرو»، وقد نفذ في عشرات البلدان. 
وهو يعتمد على التعلم الجماعي، ويعتبر صناعة الموسيقى محفزاً للتنمية الاجتماعية وتوحيد المجتمعات.
«بيروت ترنم» ربحت هذا التحدي، وحاليا ينضم هذا «المشروع» إلى «المهرجان» بهدف تشجيع التسامح والتفاهم بين جميع الطوائف .
في المقابل سيتم اختيار 100 شاب من عدة مناطق ومدن، لنكون جميعا قلبا واحدا، ولا سيما أنها الطريقة الوحيدة لننتشل أنفسنا من هذه الضيقة، ليدرك الجميع أننا بعد كل التجارب والمصاعب التي عايشناها لا نستطيع إلا أن نكون يدا واحدة لأننا ببساطة من نفس النسيج، فاللبناني محب ولا يعرف سوى أن يحب.»
صورة مصغرة عن لبنان
{ لو تعطينا لمحة عن الباقة الجميلة الداعمة التي تقف وراء مهرجان «بيروت ترنم» ؟
- كما تعلمين أنا رئيسة المهرجان، وهناك نايلة أبو عزيز، ريتشارد عازوري المسؤول عن مشروع «السيستيما»، الأب توفيق معتوق، عفيف سوبرة محمد العبد، عباس فارس وغيرهم كثر.....
وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الغنى والتنوع، ولا سيما أن أحدا لم يختر الآخر، الجميع يشارك لتقديم ما هو أفضل للعاصمة بيروت، دون النظر للهوية أو الطائفة، و«بيروت ترنم» صورة مصغرة عن لبنان الجميل».
الأهمية للموسيقى اللبنانية
{ علمنا أن هناك أمسية خاصة تحية للموسيقى اللبنانية؟
- نحن دوما نحرص على مشاركة الشباب اللبنانيين في «المهرجان»، لأننا مهما استقطبنا عازفين من الخارج تبقى الأهمية للموسيقى اللبنانية وللعازفين اللبنانيين، وذلك إيماناً منّا بالمواهبِ الشابّة التي تعتمد على نفسها دون دعم من أحد. 
 لذلك من خلال «بيروت ترنّم» سيكون هناك مساحة خلّاقة للموسيقى اللبنانية وللمؤلفين اللبنانيين عبر أمسية خاصة سيقدّمها عازف الكمان ماريو الراعي وعازف البيانو جورج دكاش، بالاضافة الى ورش عمل متعددة تسهم في تربية الجيل الناشئ موسيقياً.» 
المسؤولية كبيرة
{ إلى أي مدى تشعرين بعبء المسؤولية على عاتقك؟
- صدقيني، المسؤولية كبيرة، لأن «المهرجان» بات اللبنانيون ينتظرونه عاما تلو الآخر دون الحاجة لأن نعلن عنه، هم يعلمون أن هذا موعد تخطى كل الصعوبات سواء «الكوفيد» أو الثورة أو الألم الذي عايشناه بعد 4 آب الذي شكل حرقة كبيرة لكل اللبنانيين لازلنا نعيشها حتى اللحظة . لذلك، نحن في «بيروت ترنم» سنحرص دوما على أن نكون مبدعين متميزين موحدين لننشر السعادة في قلوب كافة اللبنانيين وفي مختلف ساحات العاصمة بيروت».
مقاومة ثقافية
{ ختاما، هل من كلمة؟
- أود أن أشكر جمهور «بيروت ترنم» والإعلام الذي يواكبنا دوما، فلولا محبة الجمهور ومواكبة الإعلام لما استطعنا ان نكمل بهذه الإرادة والعزيمة.
«بيروت ترنم» ولد في مدينته وبين أهله، وبالتالي هو لا يستطيع سوى أن يكبر بين أهله وناسه .
لذلك، نحن دوما نحب ان نعيد سوياً ليس فقط في موسم الميلاد بل دائما وأبدا لنؤكد محبتنا لبعضنا البعض، لنبعد عن كل الصغائر التي ممكن أن تعيد البلد إلى الوراء.
 انطلاقا من ذلك، على كل مواطن أن يكون مسؤولا وإن بشيء صغير كمهرجان «بيروت ترنم» الذي مكننا من إسعاد الكثير من القلوب واستطاع بدوره إعادة البهجة والحياة للعاصمة بيروت ولوسط المدينة .
وختاما، إسمحي لي ان أشكر كافة الداعمين لهذا «المهرجان» الذين سعوا لتبقى بيروت حرة ومنارة للإنفتاح من خلال هذه المقاومة الثقافية التي ساهمت بانتشار هذا المهرجان ونجاحه».