بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الأول 2020 12:01ص ناجون من أنياب «كورونا» يروون شهاداتهم.. الموجعة لكن المُلهمة

خوري لـ «اللواء»: قدرة إستيعاب المستشفيات تخطّت الـ 90%.. وخيارات التعليم جميعها صعبة

حجم الخط
يستمر العالم وسكّانه تحت تأثير الفيروس – الكابوس الذي اجتاح حياتهم بكل تفاصيلها منذ كانون الأوّل 2019، وغَيَّرَ، لا بل قَلَب موازين الحياة كلّها، فارضاً مخاوف وإجراءات وأساليبَ عيشٍ جديدةً وصارمةً. جعل ڤيروس «كورونا- كوفيد 19» البشر يحنّون إلى تفاصيل حيواتهم «السابقة» التي كانوا يعيشونها بشكلٍ طبيعيٍّ قبل ظهوره وانتشاره. لكن وبعيداً عن نسب الإصابات وجهود اختراع لقاح فعّال، ثمّة من دخلوا تجربة الإصابة بكورونا، ثم عبروا منها إلى الشفاء، لكل واحد من هؤلاء حكايةٌ خاصّةٌ مع المعاناة والألم والتحدّي وأساليب المواجهة.. والانتصار، وهو ما تضيء عليه «اللواء» في هذا التحقيق، فخلف كل قصّةٍ عبرةٌ وإلهامٌ وأملٌ يحتاج الآلاف إلى سماعه.

خوري: لضرورة تحمّل المسؤولية والتّعليم

في البداية، تعلّق مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، د. بترا خوري، على حجم الإرتفاع الكبير بأعداد الإصابات في لبنان إذ لامست المعدلات اليومية الـ 1600 حالة تقريباً، فتحذّر في حديث لـ «اللواء» من أنّ «عدم التّقيّد بالخطط الّتي وضعتها لجنة الطوارئ الوطنية سيؤدّي إلى وضعٍ أسوأ»، وتأسف لأنّ «قرار الإقفال العام لم يعد متاحاً للتطبيق، ليس فقط في لبنان، بل في كلّ العالم أيضاً، وبالتالي فإن الخطّة الّتي سيستكمل العمل بها في لبنان هي الإقفال الجزئي».

وتشير خوري إلى أنّ «أعداد الإصابات هذا الأسبوع ستحدّد مدى نجاح الإجراءات الجديدة بحسب إلتزام البلدات والقرى المشمولة بقرار الإقفال الجزئي»، وتشدّد أيضاً على «ضرورة تطبيق الخطط المعتمدة لأنّ قدرة الاستيعاب في المستشفيات وصلت إلى نسبة تفوق الـ90%» واعتبرتهُ «مؤشّراً خطيراً يؤدّي إلى نتائجَ حرجةٍ في حال استمرّت أعداد الحالات بالإزدياد».

وحول عمليّة استكمال آليّة التّعليم المدمج في ظل استمرار ارتفاع أعداد الإصابات، تلفت خوري إلى أنّ «اللجنة الوطنية اقترحت إغلاق المدارس في مناطق الإصابات المرتفعة (Red Zone) والإبقاء على التّعليم عن بُعد فيها، ولكن في مناطق الإنتشار المتوسط أو المنخفض يجب تطبيق التعليّم المدمج»، وتلفت إلى أن «الأخطر من أن يصاب تلميذٌ واحدٌ بالڤيروس هو أن يبقى جيلٌ كاملٌ من دون تعليم». وتبدي تفاؤلها من ناحية تطبيق الإرشادات في القطاع التّربوي تحديداً، أكثر من أيّ قطاعٍ آخر، سواء من قبل الأساتذة أو الطلاب أو أهالي الطّلاب أيضاً.

شهاداتٌ معبّرة وقصصٌ ملهمة

بالعودة إلى شهادات من أصيبوا بالفيروس ثم نجوا منه، تعبّر «ن. عبيد» عن معاناتها مع الڤيروس: «استيقظتُ في اليوم الأوّل على ألمٍ حادٍّ مفاجئٍ في الرّأس لم يسبق لي أن شعرتُ بمثله، وبدأت حرارة جسمي بالارتفاع مترافقة مع آلام في الحنجرة. وفي اليوم الثّاني، بدأتُ أفقد حاسّة الشمّ والتّذوق. شعورٌ غريبٌ ومُزعجٌ أن تأكل دون معرفة طعم ما تذوقه أو أن تحاول شمّ الأشياء ولكن دون جدوى».

وتتابع عبيد: «كنتُ أتألّم بشكلٍ سريٍّ كي لا أُخيف أهلي ومن حولي، لكن المرض كان أقوى ولم يترك عضواً في جسدي بدون ألمٍ معيّن، فأستيقظ كلّ يومٍ على ألمٍ جديد».

بعد تجربة تجاوزت الأسبوعين تصف عبيد شعورها بعد التّعافي «وكأنّي خرجت من سجنٍ دام طويلاً. كالموقوفين تماماً!»، وتستذكر «لا أنسى لحظةَ اقترابي من جيراني في الحيّ، عندها سمعتهم يهمسون ويقولون: «أتَتَ كورونا!».

{ تجربة ثانية بطلتها «ر. أبو بكر»، وهي مديرة كورال فنّي معروف، تروي تجربة أخرى، لكن ليس عن شخص واحد بل مجموعةٍ كاملةٍ، تقول: «خلال تدريباتٍ للكورال لإحياء مناسبة بغرض توجيه تحيّةٍ لشهداء إنفجار بيروت في ذكرى مرور أربعين يوماً على الكارثة، أُصيب 55 فرداً من الكورال بڤيروس كورونا».

وتتابع: «أثناء فترة الإصابة، كنّا بجانب بعضنا البعض على الدّوام، وبقينا على تواصلٍ دائمٍ للإطمئنان والتّشجيع وللحفاظ على الصحّة النفسيّة الجيّدة لجميع الأعضاء الّذين أصيبوا. ولم يقتصر التضامن فيما بيننا فقط، فبعد مرور التجربة والوصول للشّفاء اقترحت إحدانا فكرة التبرّع بالدّم لعلاج زملائها. ومن هنا بدأت مبادرة كورال الفيحاء لإنشاء مجموعةٍ مفتوحةٍ على تطبيق «فايسبوك» بإسم (Covid Survivors in Lebanon-Initiative by Fayha Choir)، بهدف الوصول إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من النّاس وتوسيع فرص شفائهم والتبرّع لهم».

وتؤكّد أبو بكر أنّ «المبادرة نجحت وما زالت قيد التوسّع والتّنظيم بإهتمام ومتابعة عائلة «الكورال»، وهم قاموا بمساعدة العديد من الأفراد في مختلف المناطق من خلال التبرّع الخاص بأعضاء الكورال أو المنضمّين الجدد إلى المجموعة».

ما هي بلازما الدم؟

في السّياق، يلفت د. أمجد المقهور (طبيب إنعاش وطوارئ في المستشفى العسكري) «إلى مدى فعاليّة تقنيّة التّبرّع بـ «بلازما الدّم» لمصابي كورونا وأهميّة تطبيقها». ويشير إلى أنّها «لم تطبّق فقط على المرضى، بل هناك العديد من الأطباء قد طبّقوها على أنفسهم أيضاً. وكانت حافزاً للتّخفيف من وطأة إنتشار الفيروس في الكثير من البلدان والتسريع في عمليّة الشّفاء منه وتخطّيه بعوارض أقلّ حدّةٍ».

ويَنصَحُ د. المقهور بلقاح الإنفلونزا في موسمها الإعتياديّ حاليّاً ككُلّ عام، ويُضيف: «يُفضَّلُ أن يحدّد إعطاءه حسب الأولويّات، أي أن يعطى أوّلاً للكبار في السّن، الأطفال، ولضعيفي المناعة أو من يعانون من مشاكل صحيّةٍ لحمايتهم من ڤيروس الإنفلونزا، و هذا من الممكن أن يخفّف من الصعّوبات الصحيّة القادمين عليها مع ازدياد نسبة الإصابة بالإنفلونزا وبالمقابل ازدياد حالات الكورونا».

اللّقاح الحُلُم 

ما بين إصابة وشفاء، خوف ورجاء، ينتظر العالم اللّحظة الّتي سيتمكّنُ خلالها من خلعِ الكمّامة، ورمي مساحيق التَّعقيم والعودة للعيش بحريٍةٍ من جديد. بمعنى أوضح لحظة الإعلان عن اكتشاف لقاح مضاد وفعّال ضد الڤيروس. تلك اللّحظة المنتظرة الّتي يطمح لها الجميع من أطبّاء وكوادر طبيّةٍ إلى مرضى مسنّين وشبابٍ وأطفالٍ.. لكن السّؤال يبقى، إن وُجِدَ اللقاح - الحلم، هل ستحصلُ كلُّ دول العالم على حصّتها منه لإنقاذ شعوبٍها؟ وهل سيكون «لبنان»، الّذي يمرُّ بأصعب أزماته ويفتقد حتّى للأدوية العاديّة، واحداً من هذه الدّول؟! 
في انتظار أن يتحقّق حلم اللّقاح.. الأهمية الكبرى تبقى، التباعد والتعقيم وسلاح الكمامة.