بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيلول 2020 08:17م اكليل غار واحتفالات على ضريح بطريرك لبنان الكبير

حجم الخط
مئة شكر على مئة عام من تاريخ لبنان لبطريرك لبنان الكبير الياس بطرس الحويّك عبّر عنها اكليل غار وورود على ضريح أب الوطن وقدّيسه في المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير.

ولمناسبة الذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير استهل دير راهبات العائلة المقدسة المارونيات عبرين حيث ضريح البطريرك الحويك سلسلة احتفالات رافقت المئوية الاولى للبنان.

هذا واحيت نقابة ادلاء السياحة في لبنان بمئوية لبنان الكبير عبر نشر الجزء الأول من مسيرة المكرم البطريرك الياس الحويك عبر صفحات تروي سيرة البطريرك الماروني

واعتبر المقال ان البطريرك الياس الحويّك,هو أحد الشخصيات الوطنية البارزة . ويذكر له التاريخ انه في الأول من أيلول١٩٢٠ وفي قصر الصنوبر في بيروت :: تربّع البطريركٌ الحويك على المقعد الأول من هذا الإحتفال شاهدا, مشاركا ومعدّا لاعلان دولة لبنان الكبير.

واضاف المقال هذا الرجل, الذي اوكل اليه تمثيل لبنان في المحافل الدولية, " كلّل, في ذاك اليوم, جهود مسيرته " باعلان دولة لبنان الكبير.

كما ذكر غورو في خطابه يومذاك. من هو ذاك الرجل الذي عاصر اكثر الأحداث تقلّبا في تاريخ لبنان الحديث؟ من القائمقاميتين الى المتصرفية الى الحرب الأولى والمجاعة الى اعلان دولة لبنان الكبير حتى الأنتداب الفرنسي.

ذاك الرجل الذي أبى ان يبقى دوره دورا دينيا فقط وانما توسّع ليصبح ممثلا للبنان حاملا راية السيادة والحرية والإستقلال .

ولد الياس بطرس الحويك من قرية حلتا في قضاء البترون عام 1843 وترعرع في عائلة مارونية متواضعة من 8 ابناء تعتاش من زراعة الحقول. والده كان خادم الرعية, امه سيدة تقية ربّت اولادها على مخافة الله . كبر الحويك في جو التقوى وعيش الفضائل المسيحية ولم يتأخر لكي يلبّي دعوة ربّه ليصبح كاهناً عام 1870. ارسل من قبل الكنيسة لاستكمال دراسته في روما عنداليسوعيين شأن اللاّمعين من طلاب الكهنوت آنذاك. اتقن 7 لغات, منها العربية والسريانية التي تعلّمها عند انتقاله الى مدرسة كفرحي واكليركية غزير اما الفرنسية, اللاتينية واليونانية فقد درسهم في روما. برع كطالب لاهوتي مميّز واكتشفت مزاياه الفريدة لكن وفاة والده اجبره على العودة لدياره. فكبير العائلة أبى الّا ان يعود للعمل في قريته حارثا الحقل ومساعدا والدته واخوته على اعالة العائلة ودفع الديون والمستحقّات.

انما سرعان ما تم تعيينه مدرّسا لللأدب في مدرسة كفرحي التي كان فيها يوما طالبا على مقاعدها. وبعد عامين استدعاه البطريرك يوسف مسعد وعيّنه امين سره وكاتم اسرار البطريركية المارونية في بكركي. لا شكّ قلبت صفحة جديدة في حياة ذاك الكاهن آنذاك الذي قدّر له ان تكتشف مواهبه وقدراته وبما انه كان الرجل المناسب في المكان المناسب: عيّن محاميا كنسيا, ومن ثم سيما مطرانا عام 1889. برع ولمع لمدة 17 عاما في هذا المنصب اذ اصبح المساعد الأول للبطرك. وراح يجوب العالم من روما الى فرنسا الى غيرها من البلدان مبعوثا من الكنيسة للتفاوض مع كبار المسؤؤليين والقناصل وبنى العلاقات المتيتة مع الجاليات اللبنانية المختلفة المنشرة في جميع انحاء العالم فكان مصغيا لمشاكلهم ولتطلعاتهم وصلة الوصل بينهم وبين لبنان وبكركي.

أسّس جمعية راهبات العائلة المقدسّة عام 1895 التي اصبح مركزها الأساسي في عبرين البترون, فهو عند عودته من روما رأى ان الجهل لا يزال مسيطرا لا سيّما في المناطق الرّيفية وخاصّة للمرأة وراى ضرورة تعليمها, تثقيفها وتمكينها كونها الرّكن الأساسي للعائلة. فأنشأ تلك الجمعيّة لكي تكون سنداً للعائلة ولكي تسير على مثال عائلة الناصرة . واليوم لجمعية راهبات العائلة المقدّسة اكثر من 65 مركزاً تربوي, استشفائي وخدماتي منتشرة في لبنان سوريا واستراليا.

لم يكتفِ المطران الحويك آنذاك بهذه المهمّة فعهده, مذ كان مطرانا, شهد نهضة روحية في تنشأة الكهنة اذ اراد اكليروسا مثقفا . فعمل على اعادة فتح المدرسة المارونية التاريخية في روما بعد ان كان قد اقفلها نابوليون وكانت واحدة من ابرز انجازاته. عمل شخصيا على ادارتها الى حين وفاة البطرك يوحنا الحاج وتنصيبه بطريركا على كرسي بكركي عام 1899

تحلىّ البطرك بروح القيادة , آمن بلبنانٍ سيّدٍ ومستقلٍّ واكمل مسيرة الكنيسة المارونية المتمسّكة بالكيان اللبناني وباعادة حدوده التاريخية الطبيعية المسلوخة عنه. دور الحويّك التاريخي لم يكن وليد صدفة انما جاء نتيجة تلك المسيرة الطويلة تلبية لتطلعات معظم اللبنانيين. فالبطرك يوسف حبيش في البند 12 من العريضة, التي قدمها الى الباب العالي عام 1840 اي بعد سقوط الحكم المصري على المنطقة, ساهمت كخارطة اعدادية لدولة لبنان الكبير بحيث طالب فيها بحاكم ماروني شهابي (كما كان التقليد آناك) على جبل

لبنان و"أنتي – ليبانو" اي السلسلة الشرقية مع البقاع . فالإعتبار انّ للبنان أراضٍ مسلوبة والمطالبة بها هي مطالب تاريخية حملها ايضا البطاركة الموارنة في مسيرتهم وجاء بطرك لبنان الكبير حاملا الراية نفسها موصلاً الأمانة بفضل جهوده .

ترك الحويك بصماته في نواحي عديدة. فمن الناحية الروحية اشتُشفت روحانيته من الرسائل التي كان وكتبها لراهبات العائلة المقدسّة وذلك في اطار سهره على التعاليم الروحية: "رجل العناية " رأى في ربه آب والآب يرعى شؤون ابنائه فاتّكل على العناية الألهية. ولم يطلب سوى رضا الله والتسليم الذاتي له. بالإضافة الى روحانية البنوّة فالله أب والأب لا يترك أبناءه.

اما انجازاته العمرانية قد يكون ابرزها بناء مزار سيدة لبنان حاريصا 1904 بمناسبة ذكرى الخمسين عاما من اعلان عقيدة الحبل بلا دنس. كما قام ببناءالصرح البطريركي الماروني في الديمان وتوسيع المقرّ البطريركي في بكركي. بالإضافة الى انشاء اكثر من 22 كنيسة انطلاقا من الواقع الذي كان ينقصه انشاء رعايا جديدة اما خارج لبنان فأسس ابرشية القدس ومصر المارونية .

على الصعيد الوطني.

عام 1914 بعد الحصار الجوي البري والبحري على جبل لبنان, مات اكثر من ثلث سكان المنطقة من المجاعة. رهن الحويّك أراضي الكنيسة وفتح الأديار لإيواء المحتاجين, كما باع الكثير من الأواني الكنسية الثمينة وفتح الكنائس والأديار في سبيل اطعام الجياع , وكان الفرن في بكركي يخبز ويوزّع لكل اللبنانيين من كل الطوائف فعرف آنذاك بأب الفقراء. كما انشأ شبكة مع المطارنة على جميع الأراضي اللبنانية لتوزيع القمح وبفضل اتصالاته مع الغرب استطاع ايصال بضع سفن قمح عبر مرفأ جونيه.

وكما ذكرنا سابقا فان البطرك الحويك, موكلا من مجلس الإدارة وممثلا الشعب اللبناني بجميع اطيافه ترأس الوفد الثاني الى مؤتمر الصلح في فرساي حيث طالب في مذكّرته مع المشاركين من الوفد على استعادة حدود لبنان المسلوبة منه ( بيروت ,البقاع , الجنوب), الأعتراف بالإستقلال السياسي والإداري , وبما ان الإنتداب كان قد أقرّ بمعاهدة فرساي فقد طالب البطرك ان يوكل الى فرنسا مهمة هذا الإنتداب. وهنا نشير ان قوى الأمر الواقع فرضت على البطرك القبول بالإنتداب الفرنسي اذ ان لبنان وبعد حوالي نصف قرن من الإحتلال العثماني كان لا بد ان يمرّ بمرحلة انتقالية ومؤقتة تحضيرا للإستقلال التام .

من أبرز اقوال" البطرك انا بطريرك الموارنة طائفتي لبنان وانا لكلّ اللبنانيين" كان اليد الممدودة للجميع وقد ترجم ذلك بمبايعته من الكثير من الطوائف الأخرى الغير المسيحية لتمثيلهم في المحافل الدولية: فمسلمو صور سنّة وشيعة طالبوا اللجنة المرسلة من ويلسون الى الشرق بعد ان عاد الوفد الأول من مؤتمر الصلح بالإنضمام الى لبنان الكبير. وفي البقاع 11 عريضة من اصل 14 عريضة طالبوا بالمثل. كما انه في عام 1926 وفيما كان لبنان يحضّر دستوره قررت فرنسا ضمّ طرابلس الى سوريا بغية اعطاء سوريا منفذا بحريا هنا استنكر بشدة البطريرك واعلن انه سوف يشتكي الى الدول التي مضت على بروتوكول1860 . فكم كان حريصا على المحافظة على تنوّع لبنان وحدوده التاريخية.

رجل اجتمعت فيه صفات المحبّة والتّقوى عاشها بالقول والفعل. اراد من العائلة الّلبنانية ان تحذو حذوى عائلة الناصرة بفضائل الخفا , الصلاة والتقوى فأسّس راهبات العائلة المقدّسة وكان الأب والرّاعي الصالح. اراد إكليروسا مثقفا فعمل على ارسالهم الى مدرسة روما ليتلقوا افضل التعليم وان يكونوا نواة صالحة لرعاياهم. اما للبنان , فكم احب لبنان ! عمل بوصية الكنيسة الهادفة الى الرسالة والعيش مع الآخر فلم يقبل الا بلبنان التعايش والسيادة لجميع ابنائه . في 24 كانون الأول انطفات شمعة البطرك الكبير الذي لطالما اراد ان يكون " بطركا صغيرا للبنان الكبير" (من اقواله) . ولعلّ رثاء المطران بولس عقل له يومها كان خير دليل على محبة اللبنانيين له الذين فاق عددهم الستين الفا آتين للإلقاء النظرة الأخيرة عليه :" اذهب ايّها الأب الحنون بسلام, فإنّ الأرض تودّعك كأحد عظمائها, والسّماء تستقبلك كأحد قدّيسيها."..

كما رافقت احتفالات المئوية الاولى إختتام ملفّ دعوى تطويب البطريرك الياس الحويّك في 27 تمّوز 2020 على ضريحه في دير العائلة المقدّسة في عبرين.
وختم التحقيق المطران شكرالله الحاج راعي أبرشيّة صور المارونيّة، كون الأعجوبة الّتي تمّ التحقيق فيها قد حصلت ضمن نطاق أبرشيّته، المطران حنّا علوان، النائب البطريركيّ العامّ وطالب دعوى إعلان قداسة الحويّك، أعضاء لجنة التحقيق، والرئيسة العامّة لجمعيّة راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات الأخت ماري أنطوانيت سعاده، مساعدة طالب الدعوى.
واقتصرَ الحضور على المعنيّين بالدعوى لاحترام قواعد السلامة العامّة في ظلّ الظروف الصحيّة الّتي تمرّ بها البلاد. كما حضرَ الجلسة الاحتفاليّة راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله وراعي أبرشيّة قبرص المارونيّة المطران يوسف سويف ولفيف من راهبات الجمعيّة.
ويحملُ المطران حنّا علوان والأخت ماري أنطوانيت سعاده في القريب العاجل أعمال التحقيق في الأعجوبة المنسوبة للمكرّم البطريرك الياس الحويّك إلى روما، حيث يتمّ تسليمها إلى مجمع دعاوى القدّيسين ويتمّ التحقيق فيها مجدّدًا من قِبَل لجنة أطبّاء ولاهوتيّين يعيّنهم المجمع المقدّس.
وترفع صلوات زائري الضريح على نيّة الإسراع في التحقيق وإعلان المكرّم البطريرك الياس الحويّك طوباويًّا شفيعًا للبنان وللعائلات وللكنيسة في هذه الظروف الاستثنائيّة.