بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الأول 2022 07:58م البخاري في طرابلس: إحتواء "الممانعين" ودعم التحالف السياديّ وحماية لبنان ريفي يحشد نيابياً ونخبوياً ودبلوماسياً ونواة التعاون الرئاسي تبرز من الفيحاء

حجم الخط

قدّمت زيارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى طرابلس والشمال صورة متعدِّدة الأبعاد لتوجهات المملكة في لبنان وخاصة تجاه عاصمته الثانية وأهلها، حيث شملت مواقع حيوية على الخريطة الجغرافية والسياسية وحملت رسائل دعم سيادية واحتواءٍ وطمأنة لكلّ من تعمل الدعاية الأقلوية الفارسية على استغلال هواجسه، فزار المصطفين في محور الممانعة محفِّزاً عروبتهم وانتماءهم الديني والوطني، وقدّم للحلفاء الدعم والمساندة في مسار المواجهة، وخاصة في الطريق إلى استحقاق انتخاب رئيسٍ للجمهورية.


هندسة علاقات وتعاون

في طرابلس جال السفير البخاري على مفتي المدينة ورجلها الفاضل الشيخ محمد إمام، ومن دار الفتوى كان الموقف الجامع الداعي إلى الوحدة والحفاظ على الشراكة الوطنية وعروبة لبنان.

أما لقاء البخاري مع النواب كريم كبارة وإيهاب مطر ورامي فنج، فكان لترسيخ التواصل والانفتاح وتعزيز روابط التعاون مع السعودية، بينما استكمل هذا التوجه في زيارته للمنية ونائبها أحمد الخير، ولعكار حيث جال فيها بضيافة النائب وليد البعريني ليكون قد استجمع في لقاءاته مناطق لطالما عبّر أهلها عن محبتهم للمملكة العربية السعودية عبر تاريخنا المشترك.


إحتواءٌ أساسه العروبة

وكان لافتاً لقاؤه النائب طه ناجي والنائب السابق فيصل كرامي، وهما المحسوبان على توجهات الممانعة في السياسة، فكان الخطاب في كلا المحطتين استيعابياً ومركِّزاً على الجوامع المشتركة وأهمها الهوية العربية والتزام دستور الطائف، وكان موقف ناجي وكرامي مواكباً لروحية توجه المملكة في رفض المسّ بالدستور وحمايته من محاولات التخريب تحت ستار التعديل.

"كان خطاب كرامي الأوضح من كل المرّات السابقة التي زاره فيها السفير البخاري، عندما قال:"إن الخيار العربي في لبنان هو الخيار الوحيد لأنه ببساطة هو الخيار الذي يعني نهوض وخلاص لبنان، وهو الذي ينسجم أصلا مع الوقائع والحتميات التاريخية والجغرافية والاستراتيجية والأخوية التي تجعل من لبنان جزءا لا يتجزأ من محيطه العربي ومن قضاياه العربية ومن همومه العربية. إن حرص لبنان أيها السادة على أفضل العلاقات مع الدول الصديقة، كل الدول الصديقة بلا استثناء، لا يعني أبدا ولا يمكن أن يشكل في أي لحظة ابتعادا عن الخيار العربي وعن العروبة وعن القيادات الأساسية والدول الأساسية التي تمثل العروبة في هذا الشرق ومن بينها طبعا لا بل في طليعتها المملكة العربية السعودية".
وتابع:"أتوجه مجدداً إلى معالي الصديق وليد البخاري لأقول له إن لبنان يتطلع اليوم الى دور فاعل وأساسي للمملكة العربية السعودية لاستعادة استقراره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والدستوري، وأؤكد له أن دور المملكة محوري وأساسي حتى في التوازنات اللبنانية الداخلية وهذا ليس أمرا خافياً على أحد، ونحن متفائلون بأنّ الغد سيحمل الأيام الأفضل لبلدنا، معتمدين على أشقائنا وأصدقائنا في العالم وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية".

زيارة غير مسبوقة للمجلس العلوي

في الإطار الاستيعابي أيضاً، جاءت الزيارة غير المسبوقة من السفير البخاري إلى المجلس الإسلامي العلوي ولقاؤه القائم بأعمال المجلس الشيخ محمد خضر عصفور، في إشارة إلى رفض المملكة أيّ تصنيف طائفي أو مذهبي يحمل الكراهية أو الانقسام، بل يعمل على التعاون والاحتواء الإيجابي على جميع المستويات، ولم يشب هذه الزيارة شائبة، سوى بيان عن مجموعة المطلوب للعدالة رفعت عيد كان كلّ تركيزه ربط جبل محسن بالنظام السوري، من دون أن يدري أنّ هذه المعادلة سقطت منذ زمن طويل.


محطة الثقل السياسي عند ريفي

إلاّ أنّ المحطة الأكثر أهمية في جولة السفير البخاري كان اللقاء الجامع في الغداء التكريمي الذي أقامه النائب أشرف ريفي على شرف ضيف المدينة، وبروز هذا الحشد الدبلوماسي والسياسي والنيابي والعائلي في هذا التكريم، فكانت مشاركة سفراء الجزائر واليمن والأردن والمغرب، والنواب: طه ناجي، رامي فنج، ايهاب مطر، جميل عبود، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، وليد البعريني، محمد سليمان، أحمد رستم، سجيع عطية، أديب عبد المسيح، فادي كرم، غياث يزبك وفؤاد مخزومي.

تنوّع حضور النواب ليشمل: كتلة تجدّد والجمهورية القوية وتكتل الاعتدال الوطني، بينما أعطى حضور النائب فؤاد مخزومي بعداً سنياً ووطنياً يمتدّ من طرابلس إلى بيروت، وجاءت مشاركة النائب أديب عبد المسيح لتضيف التماسك لصورة الفيحاء مع محيطها، بينما شكل حضور النائب فادي كرم ونائب الأمين العام للقوات اللبناية جاد دميان تأكيداً على التحالف الذي يجمع النائب ريفي مع القوات.

اللافت أيضاً في اللقاء التكريمي الذي نظّمه النائب ريفي هو هذا الحشد من العائلات الطرابلسية التي تداعت واستجابت للدعوة وهو مشهد لم تعرفه المدينة منذ وقت طويل، ويؤشِّر إلى استعادة المبادرة من العائلات والنخب في طرابلس واستعدادها للمشاركة في استنهاض المدينة والتعاون في استعادة عافيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة مع هذا التلاقي السياسي الذي ظهر في لقاء التكريم للسفير البخاري، وهو ما ينتظر من النائب ريفي استكماله في مبادرة تترجم النوايا الإيجابية التي أظهرتها زيارة الضيف الكبير.

تمكّن ريفي، رغم كلّ ما تعرّض له من حملات، أن يستجمع قواه وأن يصنع مشهداً متماسكاً، يمكن البناء عليه في التعاون السياسي والإنمائي في المرحلة القريبة المقبلة.

غوصٌ في معالم التاريخ

جال السفير البخاري في معالم طرابلس فصلّى في مسجدها المنصوري الكبير برمزيته التاريخية الجامعة، وتفقّد قلعتها التي حملت تاريخ صمودها، وتمشّى في الأسواق وعاين آثار الأزمة الكبرى التي تعيشها المدينة بشكل مضاعف عن سائر المناطق.. فكانت جولته فوصاً في معالم التاريخ ومعايشة للواقع، وكان لافتاً في هذا الإطار تعليق السياسي خلدون الشريف بالقول: إنّ "حضور العرب والأجانب إلى طرابلس تراكَم.. إنما المطالبة بآثار مباشرة غير سهل حالياً، والملاحظات حول شكل أي زيارة لا يؤثر على المضمون المحمود. أمّا المطالبة بآثارٍ مباشرةٍ غيرُ سهل حاليًا لأسباب ذاتية وإقليمية تخص الدول المانحة".
وختم:"حللت أهلًا سعادة سفير المملكة العربية السعودية ويحل أهلًا كل شقيق وصديق وسائح".


معالم ونتائج زيارة البخاري

لم تحمل مواقف السفير البخاري أي دعوة للمواجهة العنيفة، بل إنّه أكّد على الحفاظ على المسار الدستوري في إطار العملية السياسية السلمية، وأوضح أنّ المملكة لن تدعم الفاسدين وهي لن تتعامل مع ميليشيات تسيطر على الحياة السياسية بسلاحها غير الشرعي، ولعلّ هذا هو الفيصل في مسار التعامل مع لبنان.

لم يقصد سفير المملكة التحريض بين اللبنانيين، لكنّ شطراً ممن يحملون هويتنا اللبنانية تحوّلوا إلى حاملي هوية مزدوجة، تفضّل مصلحة الولي الفقيه على مصلحة الوطن، وبالتالي فإنّ السعودية لن تُقدِّم الدعم العشوائي الذي يستفيد منه أعداء لبنان وخصومه ليعزِّزوا قبضتهم عليه ويمعنوا في استعماله منصة عدوان عليها وعلى العالم العربي.

حماية لبنان أولوية سعودية

زيارة السفير البخاري لطرابلس تأتي في إطار المساعدة في الحفاظ على اتفاق السلم الأهلي والدستور، اتفاق الطائف، لمنع انهيار البلد ودخوله في جنهم الحرب من جديد، ومن الواضح أنّ ما يغيظ "حزب الله" هو هذا التقدّم الكبير الذي تنجزه مملكة الخير على المستويين الدولي والإقليمي لحماية لبنان، بينما تغرق طهران في قمع ثورة جديدة تزداد ضراوة في وجه القمع والإرهاب.