لم تحمل الجلسة الأولى في العام الجديد، وان كانت الرقم 11 في سجل الجلسات التي عقدت تحت عنوان انتخاب رئيس للجمهورية، أي جديد على محور الاتفاق على اسم الرئيس، بل كرّست المشهد الانقسامي والتعطيلي، رغم أكثر من شهر على الانقطاع، تخلله أكثر من دعوة لرئيس المجلس لتحويل النقاش الى جلسات حوارية داخل المجلس، جوبهت بالرفض، وعليه لا رئيس انتخب ولا حوار عقد ولا مبادرات نجحت.
وعقدت الجلسة على وقع اعتصام أهالي شهداء المرفأ، وصور حملها النواب التغييرين تجسّد صور الشهداء، فتوجّه النائب قاسم هاشم الى النواب بالقول «بدون مزايدات فالشهداء شهداء الوطن، ولكن ليس هو الموقع اليوم الصحيح لهذا الأمر».
وجاءت الجلسة كسابقاتها، في الشكل، اقتراع وفرز أصوات ونتائج أوراقها موزعة بأسماء مختلفة. وقد نال: ميشال معوض 34 صوتا، ورقة بيضاء 37، لبنان الجديد 14، عصام خليفة 7، زياد بارود 2، ورقة لصلاح حنين، ورقة لميلاد أبو ملهب، و15 ورقة ملغاة حملت العبارات التالية: (توافق، ميشال معوض العدالة لضحايا 4 آب، الأولويات الرئاسية، الحوار لأجل لبنان، عصام خليفة لحماية التحقيق، وبيرني ساندوز). وسأل النائب نديم الجميل الرئيس بري عن أسباب احتساب أوراق «لبنان الجديد»، وعدم احتساب بقية الأوراق المشابهة، فردَّ عليه بالقول «لقد عبّروا عن أنفسهم، والمقصود ان كتلة الاعتدال الوطني أعلنت صراحة انها من تصوّت للبنان الجديد».
وسجل موقف للنائب ملحم خلف بحيث أعلن انه سينفذ اعتصاما هو والنائب نجاة عون صليبا في داخل المجلس، والبقاء في القاعة العامة الى حين انتخاب رئيس.
فيما لوّح نواب «كتلة اللقاء الديموقراطي» بالاتجاه الى تعليق المشاركة في الجلسات المقبلة في حال عدم إنتاج تشاور واقعي يؤتي برئيس.
وقائع الجلسة
افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة في الحادية عشرة من قبل الظهر. وتليت في البدء أسماء النواب المتغيّبين بعذر، وهم: أكرم شهيب، بيار بو عاصي، ادغار طرابلسي، طوني فرنجية، علي عسيران، تيمور جنبلاط.
وطلب الرئيس بري الوقوف دقيقتي صمت على روح الرئيس حسين الحسيني والنائبين السابقين جميل شماس وآغوب جو خاداريان. ومن ثم تليت المواد المختصة بانتخاب الرئيس.
وتحدث النائب ملحم خلف، فأعلن، انه «إلتزاما بالمواد الدستورية وانتظاما لها، ودفعا لإنتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية من دون انقطاع، إتخذ القرار، بعدم الخروج من قاعة المجلس النيابي والبقاء في داخلها، وحتى تحقيق هذه الغاية!».
فرد الرئيس بري بالقول «هيدي ما بتمروء عليي».
وانضمت الى النائب خلف، النائبتان نجاة عون صليبا وسينتيا زرازير.
وجاء في كلمة وزعها النائب خلف:
«لأنكم شرفتموني وانتخبتموني يوم 15 أيار 2022 نائبا عن الأمة جمعاء ووضعتموني أمام مسؤوليات جمة ورتبتم علي موجبات دستورية بالغة الأهمية، في هذه اللحظات الحرجة من عمر الوطن؛
ولأن الناس جائعة يائسة تعيسة، متعبة من كل شيء؛
ولأن الناس مقتولة جسدا وروحا، مذبوحة غربة وتهجيرا وحزنا، مقهورة مسحوقة حتى الشرايين وغصات الصدور، وهذه الناس ليست أقل منا شأنا بل نحن أقل شأنا من كل الناس؛
ولأن الناس حقها ربما أن تغضب منا نحن المقصّرين معها، وحقها بالتأكيد أن تغضب ممن قسّموا الوطن الى أوطان، والشعب الى طوائف، والطوائف الى مذاهب، والأحياء الى أحياء وطنية وأحياء غير وطنية، والأسماء الى أسماء محبوبة وأسماء مكروهة مرفوضة؛
ولأن مشهدية تكرار جلسات انتخاب رئيس الجمهورية من دون أي نتيجة، أصبحت، للأسف، أمرا عبثيا مستهجنا؛
ولأن إستمرار خلو سدة الرئاسة يذهب بنا الى مزيد من البؤس والإنهيار القاتل؛
ولأن ليس لدينا الوقت ولا رفاهية الإنتظار لنضوج أي «تسوية»، والتي أصلا لا تعنينا -نحن- في هذه القضية الأم، فنحن من دعاة إنتخاب رئيس إنقاذي لا تسووي، يستطيع إخراجنا من القعر الذي نحن فيه في مسار تاريخي لإعادة تكوين السلطة؛
ولأن انتخاب هذا الرئيس الإنقاذي أضحى أمرا ملحّا أكثر من أي وقت لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية وانطلاق قطار الإنقاذ، وذلك يبدأ بإنتخاب رئيس اليوم اليوم قبل الغد!؛
ولأن مواد الدستور واضحة، لجهة إلزامية بقاء السادة النواب بحالة إلتئام دائم -متى تخلو سدة الرئاسة- حتى انتخاب رئيس للدولة، وأعي تماما -كرجل قانون قبل أن أكون نائبا- مدى إلزامية التقيّد بتلك المواد الدستورية؛
ولأن المنظومة الأمنية السياسية القضائية المصرفية حولت دولة لبنان من دولة قانون الى دولة بوليسية تطبق على كل شيء، والمنظومة نفسها تأخذ رهينة الشعب بأكمله وتنحر يوميا -بإسم ما سمي بالديمقراطية التوافقية- الدستور ومفاهيم دولة القانون والعدالة من دون أي رادع، ونحن لن نرضخ ولن نستسلم لها؛
ولأن ديمومة لبنان والإنسان الذي فيه، هي على المحك؛
ولأن لا خلاص إلا بوقفة ضمير يقفها السادة النواب في لحظة تاريخية إنقاذية؛
لكل ذلك، وإلتزاما بالمواد الدستورية وانتظاما لها، ودفعا لإنتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية من دون انقطاع، إتخذت القرار، اليوم، بعدم الخروج من قاعة المجلس النيابي والبقاء بداخلها، وحتى تحقيق هذه الغاية!».
أبو الحسن
وتحدث النائب هادي أبو الحسن: «عدنا الى نفس المأزق ونفس السيناريو ومعظم النواب غير راضين واللبناني غير معني بهذه المشاهدات والمجلس عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية لابد من الخروج من هذه الازمة. نحن على خياراتنا السياسية ولكسر الجمود قد نضطر الى تعليق مشاركتنا في الجلسات المقبلة وندعو الجميع، كل القوى الى التشاور لنجد حلا، وآن الاوان لنصل الى الحقيقة في موضوع انفجار المرفأ.
- سامي الجميل: نأمل ان يصدر بيان تضامن مع قضايا معينة تحصل في البلاد ولدعم القضاة للاستمرار في التحقيق وإنهاء قضية مرفأ بيروت. نأمل صدور موقف متضامن من المجلس النيابي.
وقال النائب ميشال معوض: ما زلنا الى الآن، ننتقل من اغتيال الى اغتيال يضعونا أمام أمر واقع أو عدالة أو استقرار. تفجير مرفأ بيروت هو من أكبر التفجيرات بتاريخ البشرية. علينا أن نحمي العدالة وأتمنى أن يأخذ مجلس النواب موقفا صارما.
وبعد ذلك، بوشر في الاقتراع، وتم فرز الأوراق وعددها 110.
وبعدها اعلن الرئيس بري حصيلة النتائج وجاءت على الشكل التالي:
ميشال معوض 34 صوتا، ورقة بيضاء 37، لبنان الجديد 14، عصام خليفة 7، زياد بارود 2، ورقة لصلاح حنين، ورقة لميلان ابو ملهب، و15 ورقة ملغاة.
معوض
وبعد الجلسة قال النائب ميشال معوض: قلت وأعود وأكرر، ان المعركة التي أخوضها هي معركة سياسية لإيصال رئيس جمهورية سيادي إصلاحي يعمل خرقا في حياة اللبنانيين. نخوض معركة سياسية في وجه وصول رئيس للجمهورية يشكّل امتدادا لهذه المنظومة. نخوض معركة سياسية في وجه ايصال شعار المحبة والتوافق، رئيس جمهورية صوري لن يغير شيئا في يوميات اللبنانيين. نخوض معركة سياسية لاسترجاع بلدنا لنكون كلنا تحت كنف دولة جامعة سيدة مستقلة، دولة العدالة والحق.
اننا نخوض معركة سياسية لنسترجع أموال اللبنانيين ونرفع عنهم الظلم والذل الذين يعيشونه كل يوم. المعركة أصبحت واضحة، يمكن أن نربح ويمكن أن نخسر، ولكن لن نساوم عليها، والأكيد لن يأخذوننا الى تسوية جديدة لهذه المعركة ولو في نهار أو سنة. نحن لن نخضع. وأقول وأكرر نحن نخوض معركة ضد محاولات الاخضاع. نخوض معركة ضد محاولات التعطيل على حساب الدستور، ولكن نريد أن نخوض معركة ضد التسخيف، هذه المسرحيات «السمجة» التي يحاولون ان ياخذونا اليها من اسبوع الى اسبوع، ومن خميس الى خميس ودورة أولى وثانية وأوراق بيضاء، لا يمكن أن يكمل هكذا.
وختم معوض: «شخصيا عندي أفكار وطروحات، أريد عرضها على القوى السياسية الداعمة لهذا الترشيح وكما سنواجه التعطيل ومحاولات الاخضاع والامساك في البلد نريد حكما ان نواجه التسخيف».
قبيل الجلسة: وقبيل الجلسة كانت مداخلات للنواب.
وفي السياق, قال النائب أشرف ريفي: «أتوقع أن نرى إسم «جبران باسيل» بين الأصوات اليوم».
وعن إمكانية التصويت لـ نعمة افرام في حال ترشّحه للرئاسة، أشار النائب أشرف ريفي: «من الممكن ذلك».
من جهته، أكّد النائب نعمة إفرام أنّه لن يعلن ترشيحه للرئاسة اليوم.
كذلك، أشار النائب أسعد درغام «ممازحاً», الى أنّ «سأصوّت لـ زياد الحواط».
وأشار النائب وضاح الصادق الى ان «جلسة اليوم لن تفرق بشيء عن سابقاتها ولكنها تتميز بوجود قضية انفجار المرفأ مع وقفة الاهالي بالخارج».
بدوره، رأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن ان «كسر الجمود ضروري ولا يجوز بقاء الجلسات بهذا الشكل وسيكون لنا حديث خلال الجلسة أو خارجها»، مشيرا الى ان «لا بد من تأسيس لأمر مختلف في جلسة اليوم لكسر الدوامة التي تنهك البلاد».
من جهته، قال النائب ميشال دويهي: «لن نتغيّب عن حضور الجلسات ونشدّد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وهناك استراتيجية جديدة».
أضاف: «نستطيع أن نقول «بلش الجد رئاسياً» وخلال الأعياد واصلنا عملنا على الحل ولمست تقدّما».
أما عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص فقال: «نناشد قوى المعارضة إما شاكرونا التصويت لميشال معوض أو اقتراح اسم مرشح جديد يقتنع به معوض لنسير به فلا أسماء جدية من نفس مواصفاته».
وقال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله: «اعتقد ان هناك من شيء مختلف في هذه الجلسة لدى الفريق الآخر».
وأشار النائب أديب عبد المسيح الى «أننا نريد العدالة للضحايا ولكلّ الجرائم والمعركة أصبحت سياسيّة بامتياز لمواجهة المنظومة المعطّلة».
من جانبه، أكد عضو «الجمهورية القوية» النائب رازي الحاج ان «انفجار المرفأ قضية مركزية ولا يمكن النظر إليها بطريقة ثانوية والسؤال الأهم هو من يخلي سبيل التحقيق ويطلق يد المحقق العدلي؟ من هنا يبدأ مسار العدالة».
ورد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب الدكتور قاسم هاشم على النائب وضاح الصادق، وقال في تصريح: «نعم نقول ونكرر، ان قضية شهداء المرفأ هي قضية وطنية، ويجب احقاق العدالة وإعتماد كل الأساليب المتاحة بعيدا من استغلال سياسي لدماء الشهداء عند كل محطة للقضية».
وتابع: «ما تحدث به وضاح الصادق معيب واتهام ساقط، وفعلا إذا لم تستحِ فقلْ ما تشاء في توجيه الاتهامات جزافا، فلتأخذ العدالة طريقها لتحديد المسؤوليات، وليتابع القضاء مساره بعيدا من أي تسييس ودون أي مؤثرات، ولتتخذ القرارت الجريئة لاحقاق الحق وكشف المرتكبين ومحاسبتهم. ولا بد من إبعاد القضية عن الاستثمار والاستغلال الرخيص».