من البديهي أنّ يَستغربَ البعضُ ويتساءلَ عن ماهيَّةِ هذا الإسمِ الجديد. (فيلوكاليا).
"اما حكايةُ هذا الإسم ما هي إلا وحي روحيّ يحكي ما يكنُّه القلبُ للقلبِ لأنَّ الموسيقى هي حديثُ القلوب. وهي كالحبِّ عمَّ تأثيرُها الناس"
هذا ما تقوله الاخت مارانا سعد التي تشكر صاحب الغبطة والنِّيافة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى "الذي آمن برسالتنا منذ البدء ورحَّب بتجديد مشروعنا، على رعايته وحبِّه الأبويّ ودعمه الدائم"
.
"فيلوكاليَّا" يعني باللغةِ اليونانيَّةِ حبَّ الجمالِ، وهذا ليس فقط حبّ الجمالِ الفنِّي الخلَّاقِ بقدرِ ما هو الجمال الأسمى والسَّرمديُّ أي الله. "فيلوكاليَّا" أو حبُّ الجمال هي، بحسبِ تعريفِ الجمعية هو التطلُّعُ إلى الله ولمسُ جمالِه الأسمى المتجسّدِ بابنِه يسوع المسيح، الإلهِ الحقِّ والإنسانِ الحق، بوجهِه المشعِّ والخلابِ الذي أبهرَ وألهمَ معظمَ العلماءِ والفنانين والقديسين، وفي طليعتِهم شفيعة الجمعية القديسة رفقا التي ترافقُ وتقودُ دائمًا بحبِّها، إخلاص وشغف الجمعية...
بإدارةِ الأختِ مارانا سعد، مارسَت جوقةُ فيلوكاليَّا نشاطَها تحت إسمِ جوقة معهدِ القدّيسة رفقا منذ سنة 2010 حتى سنة 2018 وصنعت إسمها في الساحة الموسيقيَّة اللبنانيَّة والمارونيَّة السريانيَّة وذلك من خلال إحياء الاحتفالات الدينيَّة والفنية والوطنية الاجتماعيّة. شهدت جوقة معهد القديسة رفقا عبر السنين تطوُّرًا موسيقيًا تقنيًّا ملحوظًا، فإلى جانب الموسيقى المقدَّسة، ابتدعت في غناءِ التراث والفولكلور اللبناني ولا سيَّما الموشَّحات العربيَّة والموسيقى الكلاسيكيَّة المتعدِّدة الأصوات (polyphony) فأصبحت مرآةً لصورة لبنان الحضارية، كما ساهمت في إحياءِ الموسيقى العربيَّة بتقنيَّاتٍ عاليةٍ ونشرِ ثقافةِ الغناءِ الكلاسيكي في لبنان والعالم.
اما الهدف من اسمِ الجوقة الجديد هو الخلقُ الفنِّيُّ ووضعُ نقاطِ تحوٌّلٍ في قواعدِ الروحانيّةِ والإنسانيَّةِ، وذلك من خلال زرعِ روحٍ مُميَّزةٍ، متألِّقةٍ، مُهيمنةٍ ومُلهمةٍ، في أرجاء العالم الذي يحيطنا؛ فالجوقة ما هي إلا عائلة ستكون وسيلة أو آلة لتحقيقِ الجمال بين يدَيّ الله وذلك بهدف نشر ثقافة جمال الروح ومزجها بالجمال الفني الموسيقي، الثقافي والإجتماعي.
إلى جانبِ ازدواجيَّةِ الجمالِ الروحيّ والفنَّي، تتميَّز جوقةُ فيلوكاليّا بالانفتاح على الثقافاتِ الفنيَّةِ العديدةِ والحضاراتِ والأديانِ بتنوعها وتَغنِّيها بالنِّعمِ الروحيَّة الممنوحة من روحِ الله فتتجدَّدُ الكنيسة بالجودةِ والجمالِ والخير. الموسيقى هي النِّعمة البهيَّة أو العطيّة السامية التي نتغنَّى بها، فيعبّر أعضاء الجوقة، "الفيلوكاليون"، بالقولِ والفعلِ والموسيقى، وتكون الأخيرة وسيلة ورسالة للوصول إلى الأنجلة الجديدة.
الأهداف:
يعبِّر أعضاءُ الجوقة أي الفيلوكاليون عن أنفسِهم وينطلقون إلى العالمِ من خلال أصواتِهم التي هي مرآة لهوياتهم وشخصياتهم.
يجد الفيلوكاليون في الفنّ الأداة والوسيلة لنموِّهم وبلوغهم الروحاني، الإنساني، الثقافي والإجتماعي كما يساعدهم على التَّعمُّق بشخصهم وروحهم ووجودهم وعلى تمتين علاقتهم بالكنيسة والوطن والمجتمع.
يتمتَّع الفيلوكاليون بروحانيَّةٍ عالية تخوِّلهم عدم الانجرار خلف ثقافة المجد الباطل والشُّهرة والإستفادة الشَّخصيَّة والأنانيَّة في العمل.
ترتكز مهمَّة الفيلوكاليين على ضخّ الحياة والولادة الجديدة وارتفاع وتقديس الروح.
يجسِّد الفيلوكاليون روحانيَّتَهم بأصواتهم، فترتبط الروح مباشرةً بالصوت والأداء. وإنَّ هذا التَّعلُّق بالجمال والإصرار على خلقه والوصول إليه ينبثق عن الليتورجيَّة وهذا ما يميِّز الجوقة بشكلٍ أساسي، فإنَّها تعطي الأهميَّة الكبرى للتقاليد المارونيَّة والإرث المسيحي الماروني.
أخيرًا، نختم بما قاله جبران خليل جبران في كتاب الموسيقى: "الموسيقى ترافق أرواحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة، تشاطرنا الأرزاء والأفراح وتساهمنا السّرَّاء والضّرَّاء. وتقوم كالشَّاهد في أيام مسرّتنا وكقريبٍ شفيقٍ في أيام شقائنا."
يولج المعهد والجمعيَّة بنشاطهما نهجًا جديدًا من خلال تحفيز الشّباب على المحافظة على أرضهم والمبادرة في مجال الفنون لكسب الخبرة والمهنيَّة من أجل إعادة إحياء اندفاع الجيل الجديد وتمكين روابطه والعلاقات فيه.
فيلوكاليا متجذّرةً في ثقافة وتقليد الكنيسة المارونيّة، وتسعى لتكون أداةً لتطوير المهارات الفنّيّة والإجتماعيَّة في بيئةٍ حاضنة، مع تحفيز العمل الجماعي، ثقافة الإلتزام وحسّ المسؤوليّة الذّاتيّة."
وتهدف فيلوكاليَّا الى إبراز الفنّ بجميع أبعاده، وتشجيع الشّباب على الإنتاج الفنّي والثّقافي، وتحفيز التّعاون بين الفنّانين، تحسين وضع الفنّانين والحرفيّين الإقتصادي والإجتماعي، الدّفاع عن حقوق الفنّانين العينيَّة والمعنويَّة، تعزيز التّراث السّرياني وإبراز دوره الفعّال من خلال المحافظة عليه باللغة، الأدب، الفنّ والموسيقى.