اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري له ميزة خاصة كالمعتاد، تجمع بين التفاؤل الحذر والتشاؤم المنطلق من المشهد الضبابي الذي تعيشه البلاد من خلال عبارة «نحن في منتصف الليل» ، ويستند الى كمّ المبادرات التي قام بها في مرات عديدة ومؤخرا، ولكن في غياب التطبيق او الإلتزام من قبل البعض، فلم يعد لديه مبادرات يقدمها اليوم ردا على سؤال للواء والازمة ازمة حكم ولكن النظام لا يساعد ، وهو وفي حديثه الصريح وحواره المتضمن اكثر من رسالة واشارة، وضع «مجلس نقابة المحررين» في اجواء ما حصل وما يحصل ، الاسباب والموجبات، ليؤكد ان الانتخابات ستحصل في موعدها الدستوري، ولا قطيعة مع رئيس الجمهورية ميشال عون وهو مستعد للصعود مشياً الى بعبدا اذا رأى ان ذلك سينتج حلولا، اما العلاقة مع الرئيس نجيب ميقاتي، بين اخذ ورد، والاهم من وجهة نظر بري ان الكل مسؤول وهو لا يبرّىء احدا من مسؤولية ما حصل.
الرئيس بري بدأ كلامه بالترحيب بمجلس النقابة، نقيباً واعضاء بالقول:«عادة ما نقول للمجلس الجديد الله يكون في عونكم، ولكن معكم الاعلاميون نقول الله يكون في عوننا»، ليدخل من باب وعد اطلقه بالاستعداد بتسهيل تشريع اي اقتراح يخص الحريات الاعلامية ، اما قانون الاعلام فسيتم وضعه على اول جلسة تشريعية بعد انجازه في اللجان، والتاخير ليس من المجلس، ليصل الى الزبدة كما قال في الكلام السياسي ليلخص الأزمات المتراكمة اقتصاديا ومعيشيا وماليا وسياسيا، بالاستعانة بالشاعر محمود درويش قائلاً:«الليل نحن اذا انتصف الليل»، للأسف لبنان في منتصف الليل... والصمت يجول بيننا، في الداخل نتجاور ولا نتحاور ولكي نصل الى الحلول لا بد من التحاور فلا يجوز التفرج على اللبنانيين وهم يسافرون والأخطر انهم يهاجرون من وطنهم الذي رغم ما يعاني من ازمات الجميع مسؤول عنها لكن علينا ان نقر ان لبنان يتعرض للحصار، هل يعقل التصديق ان اسرائيل العدو انفتح على العرب على النحو الذي يحصل اليوم والعرب يقفلون ابوابهم على لبنان؟ لبنان الذي دفع أثماناً باهظة من اجل تثبيت عروبته وهويته، نعم لبنان يتعرض لحصار.
واعتبر أن 99% من الذي نعاني منه في لبنان أسبابه داخلية ومن «عندياتنا» وهو لم يحصل في يوم او أيام أو سنة إنما منذ إقرار الطائف عام 1989 ومعروف من لم يؤيده ولم يطبق لا القانون ولا الدستور، للأسف هناك عشرات القوانين اكثر من 75 قانوناً لم يطبق لا في هذا العهد ولا في العهود التي سبقته مثلاً القانون الخاص بالكهرباء التي سببت هدراً تجاوز 45% من نسبة العجز في مالية الدولة هذا القانون صدر قبل أكثر من عشر سنوات وكذلك الأمر بالنسبة للهيئة الناظمة التي تطالب بها كافة الوفود الدولية والمنظمات الراغبة بتقديم المؤازرة والدعم للبنان حتى الرئيس ماكرون طالب بها.
وحول موضوع الإنتخابات النيابية أكد رئيس المجلس بالقول: بالتأكيد ومع الإحترام للقرار الذي سوف يتخذه المجلس الدستوري سواء مع او ضد، فالإنتخابات حاصلة ضمن المهلة الدستورية، ولا مناص من إجرائها. ولا اعتقد ولم اسمع من فريق داخلي او خارجي انه لا يريد الإنتخابات.
وفي الشأن الإصلاحي والدور الرقابي لمجلس النواب أكد الرئيس بري ان المجلس النيابي في المبدأ هو الذي يجب ان يحاسب السلطة التنفيذية لكن للأسف هذا يمكن ان يحصل لو اننا لسنا في بلد طائفي أما في لبنان والحال على هذا النحو من الطائفية والمذهبية كيف يمكن ان تستقيم الأمور؟ سائلاً لقد انجز مجلس القضاء الأعلى في هذا العهد تشكيلات قضائية ولم توقع لماذا؟. واعطى بري مثلا عندما كان وزيرا للعدل في عهد الرئيس امين للجميل، عندما قال للشيخ امين نصار آنذاك انا جاهز لأوقع على بغض النظر عن التوزيع المذهبي، ولينجح من ينجح، ولكن «لا المسلم طار ولا المسيحي ولم يحصل اي خرق الا واحد في المئة».
ومن هذا الكلام انطلق بري ليقول:«سهيل عبود ليس ابن عمي وليس نبيه بري من اقترحه معروف من اقترحه لماذا لا توقع ولم توقع التشكيلات القضائية؟ بصراحة لو كان هناك مجلس قضاء اعلى يمارس دوره لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من تطييف وتمذهب في القضاء.
وحول الاتهام والتجني الذي يقال بحق الثنائي الذي يسمونه شيعياً وهو ثنائي وطني بانه يهدف الى تطيير القاضي طارق بيطار، اكد الرئيس بري «ان هذا الثنائي ابداً لا يريد تطييف القضاء واقول لا يريد تطيير البيطار وما نريده فقط العودة الى القانون والدستور هذا ما قلته لغبطة البطريرك بشارة الراعي»، فليطبقوا بنود ومواد الدستور خاصة في الموضوع المتعلق بإنفجار المرفأ، مطلبنا كان ولا يزال ممارسة كل سلطة لصلاحياتها في هذا الإطار، لقد اعطى القانون حقاً خاصاً لمحاكمة القضاة واعطى حقاً لمحاكمة النواب والرؤساء والوزراء (مذكرا بحالات مرت على المجلس الاعلى (مذكرا بحالات سبق للمجلس واجرى فيها محاكمات مع رؤساء ووزراء ونواب )، وسأل لماذا لم يتم الإلتزام بهذه القواعد والأصول؟ ولتبقى خارج هاتين المؤسستين الصلاحيات للبيطار على كل لبنان.
واوضح بري حيثيات المبادرة التي سعى اليها الراعي ومحورها « عودة مجلس الوزراء للإنعقاد وحل ازمة وزير الاعلام ومعضلة القاضي بيطار، فقلت له انت عزيز وطلبك رخيص ، وليس لانني اريد حل مشكلة بلدي فقط ، بل تطبيق القانون والدستور وسألت غبطة البطريرك « عندك شك اذا طار البيطار بيزعلوا المسيحيين قال لا وهل عندك شك اذا بقي سيزعل المسلمين فقال لا» ، فقلت اذاً الحل اولا واخيرا بتطبيق الدستور فكان رد البطريرك انه كلام جيد، وعلى هذا الاساس تم التوافق على هذه العناوين مع غبطة البطريرك وعلمت وهو اعلنها صراحة ان الرئيسين عون وميقاتي ايضاً التزما على ان يبدأ التطبيق في اليوم الثاني، ولكن تم الإنقلاب على هذا التوافق وتطييره قبل صياح «الديك».
ولدى سؤاله عمن طير الاتفاق قال « دوروا على الغرفة السوداء االتي تدير العمليات في هذه القضية.
وانطلاقا من ذلك ، وجّه الرئيس بري من خلال نقابة المحررين رسالة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى جاء فيها: القضاء في لبنان شبيه بالمحيط الهائج تقوده ساقية وحسبنا ما جاء في القرآن الكريم: «والسماء رفعها ووضع الميزان» لولا العدالة لما قامت الأرض ولا السماء، وعلى مجلس القضاء الاعلى مسؤولية حسم هذا الموضوع.
وفي الشأن المتصل بموضوع قانون الكابيتال كونترول والودائع قال الرئيس بري: انني غير مستعد لتشريع اي شيء حتى لو اتهموا المجلس النيابي بالتمرد قبل تأمين ودائع الناس كاملة حتى آخر قرش فلا مصارف دون ودائع وهذا ما ابلغته حرفياً لحاكم مصرف لبنان وسأبلغه الى جمعية المصارف..
واضاف الرئيس بري: ولكي لا نبقى في اجواء التشاؤم لبنان ليس بلداً مفلساً رغم انعدام السيولة، المجلس النيابي اقر قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والذي رُبَّ ضارة نافعة انه لم يطبق كما تم اقرار وقانون الشراء العام وهما قانونان مهمان جداً، فلبنان لا يزال يملك كل اصوله وقطاعاته، لبنان يحتوي على بلوكات نفطية وغازية مهمة وعلى قول المثل «بس يطلع صيتك انك حصاد بتحط منجلك وبتستريح»، والمطلوب فقط ان نبادر وان نثبت بالنوايا الصادقة اننا عازمون على الاستثمار على هذه الثروة التي يخطىء من يظن ان احداً في العالم لا يريد للبنان الإستفادة منها ناهيك عن ثروة لبنان المغترب، فلو بدأت الدولة بالحفر ، لما كنا اليوم بحاجة الى غاز.
واضاف: هناك 13 بلداً في العالم اقتصادها بيد اللبنانيين واقتصاد لبنان غير موجود، المطلوب قبل اي شيء آخر استعادة ثقة اللبنانيين المقيمين والمغتربين وطمأنتهم وضمان ودائعهم كاملة في المصارف، بذلك يمكن اعادة الثقة بلبنان وبنظامه المصرفي وإنقاذ اقتصاده.
وجزم رئيس المجلس بالقول: نعم المجلس النيابي يطلب ضمانات لحفظ حقوق المودعين قبل اقرار الكابيتال كونترول.
وحول مصير اتفاق الطائف وما يحكى عن انتهاء صلاحياته قال الرئيس بري: علينا ان لا ننسى ان الطائف قد عبّد الطريق وأوقف الحرب بين اللبنانيين نعم هناك ملاحظات عليه وهو ليس انجيلاً ولا قرآناً كريماً، هو إتفاق يمكن تطويره او تعديله لكن علينا اولاً ان نجرب المجرب ونطبقه، وعلى البعض ان يقتنع ان لبنان لا يمكن ان يتطور اذا بقينا طائفيين فالحفاظ على الطوائف شيء والطائفية شيء آخر فهل الجميع مستعد لتطبيق كل ما هو منصوص عليه في إتفاق الطائف لا سيما البنود الإصلاحية من إقرار قانون إنتخابات خارج القيد الطائفي (وحاولنا الدخول عبر مواد الدستور الى الدولة المدنية، وقدمت للمتحاورين في عين التينة (16 متحاوراً آنذاك) هذا العرض ان تاتي عبارة انتخاب مجلس على اساس لا طائفي بالتوازي مع إنشاء مجلس شيوخ على اساس القانون الارثوذكسي له صلاحيات تشريعة واعطيناه كل ما جاء في مقدمة الدستور وكله موجود في المحاضر)، وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وفي تلك المرحلة قال لي النائب جبران باسيل:«أرى فيك الامام موسى الصدر، فقلت له ممازحا شو عينيك بهم شي»، واكمل بري بالقول «الجميع وافق ولكن عند الصياغة بعد يومين تغيرت الموافقات، وصبرت وقدمت بعد ثلاث سنوات اقتراحا عبر كتلة التنمية والتحرير لقانون انتخابي على اساس لبنان دائرة واحدة وكنت اول من اعطى الكوتا النسائية 20 المئة كبداية)، والنتيجة على حالها.
وختم الرئيس بري: فلنطبق الطائف مع قليل من المرونة وبيمشي الحال.
هذا وكان لقاء رئيس المجلس مع نقابة المحررين قد استهل بكلمة لنقيب المحررين جوزيف القصيفي تحدث فيها عن مساعي الرئيس بري الدائمة للحلول، وضمنها مطالب النقابة لجهة قانون الإعلام الجديد والتشريعات المرتبطة بالشأن الاعلامي، وشؤون نقابية اخرى.
على صعيد آخر استقبل بري وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي وعرض معه الأوضاع العامة لاسيما الامنية منها وغادر دون الإدلاء بتصريح.
كما ابرق الى امير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولرئيس مجلس الشورى القطري حسن بن عبدالله الغانم مهنئا باليوم الوطني لدولة قطر.