وعلى مدى اربع ساعات، أجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استشارات نيابية خلصت الى تسمية الحريري ولو لم تلامس الاصوات عتبة السبعين. وابقت بعض الكتل النيابية على مواقفها ما قبل التكليف ككتلتي لبنان القوي والجمهورية القوية، في حين اصطفت كتلة الوفاء للمقاومة الى جانب حليفها التيار الوطني الحر مع العلم انه لم يسبق لها ان صوتت للحريري إلا نادراً.
في المقابل، جاهر «القومي» بتسمية الحريري وغرد نواب من خارج سرب تكتلاتهم النيابية وابرزهم جان طالوزيان من «الجمهورية القوية».وعدنان طرابلسي من «اللقاء التشاوري» وهو ارسل كتاباً حول تسميته معتذراً عن الحضور بسبب اصابته بفيروس كورونا.
ودخل النائبان جهاد الصمد ونهاد المشنوق في دائرة «المسمين» للحريري على عكس النواب فؤاد مخزومي وجميل السيد واسامة سعد.
وكان واضحاً لكتل «المستقبل» و«التنمية والتحرير» و«الاشتراكي» والارمن والوسط المستقل والتكتل الوطني خياراتها في صب اصواتها لمصلحة الحريري حليف اليوم والامس.
ولمعالجة التوتر في العلاقة بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر يحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري بمعسى جديد وهو ما عكسه في كلامه بعد اجتماع عقد بينه وبين رئيس الجمهورية والحريري. وبلغ عدد الممتنعين عن التسمية 53 نائباً وكان غياب للنائبين طلال ارسلان ميشال المر.
وربما يفهم من كلامه انه اخذ على عاتقه ترتيب أمر ما وهو يتظهر في مشاورات التأليف، ولوحظ ان الرئيس الحريري لم يكن مرتاحا واكتفى بتصريح مقتضب حول وعده بوقف الانهيار وتأليف حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين.
وهنا يطرح السؤال عن امكانية تشكيل حكومة من هذا القبيل لا يخضع وزراؤه من تسمية من الكتل التي اشرفت بشكل مباشر على موضوع تكليف الحريري.
وما بين استقالة الحريري في 29 تشرين الاول من العام 2019 وعودته رئيساً مكلفاً في 22 تشرين الاول 2020، اسئلة تدور عن التغييرات التي طرأت والوقت الذي انقضى، وحالياً هناك مبادرة فرنسية ألزم الحريري نفسه بها وهناك مطالب افرقاء سياسيين تلاحقه قبل تشكيل حكومته.
شريط الاستشارات
إنطلقت الاستشارت النيابية لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة صباحاً في قصر بعبدا.
وكان الرئيس نجيب ميقاتي اوّل المشاركين. وقال بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون «انسجاماً مع الموقف الذي اعلنته بعد اعتذار مصطفى اديب باعلاني ترشيح سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة سمّيت سعد الحريري».
أضاف «على امل ان تتضافر الجهود لانجاح الحريري لتشكيل حكومة فاعلة قادرة على القيام بالاصلاحات المطلوبة لاعادة الثقة داخلياً وخارجياً».
وختم ميقاتي «تمنيت على الرئيس عون ان يكون حكماً كما ينص الدستور والا يكون طرفاً بأي شكل من الاشكال».
الحريري
أما الرئيس سعد الحريري فغادر قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس عون دون الادلاء بأي تصريح.
سلام
وأعلن الرئيس تمام سلام تسميته الحريري ، وقال «في إطار متابعة محاولة إنقاذ البلد من الانهيار الكبير، نحن اليوم أمام محاولة جديدة في ظل متابعة ورعاية دولية وخاصةً من قبل الرئيس ماكرون والمبادرة الفرنسية التي تحمّل الرئيس الحريري مسؤولية كبيرة في مواجهة الاستحقاق. ونتمنى من الجميع المساعدة في تشكيل الحكومة بعيداً من المناكفات لأن الوضع لا يحتمل التأخير، فاللبنانيون ينتظرون حكومة تنقذ البلد، لذا أتمنى للحريري التوفيق وأنا سمّيته لتكليف الحكومة المقبلة».
الرئيس سلام يتحدث بعد لقائه الرئيس عون
أضاف «الحريري أمام تحد كبير وهذه قد تكون الفرصة الأخيرة، فإما لجم الانهيار وإما الذهاب إلى الأسوأ، إذ إن أوجاع اللبنانيين أصبحت بلا حدود»، مشيراً الى «مواقف ومساعٍ دوليّة لمساعدة اللبنانيين وهذا لا يتمّ إلا عبر تأليف حكومة إنقاذ من اختصاصيين للنهوض بالاستحقاقات الإصلاحيّة ولو لفترة أشهر قبل الإنتقال إلى استحقاقات أخرى».
الفرزلي
وقال نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد لقائه عون «مرشّحي لرئاسة الحكومة هو الحريري وهكذا أرى صورة لبنان التعايشية على أمل أن يُصار إلى تأليف حكومة تحقق الغاية الرئيسة في عملية إنهاض البلد ومنعه من الاستمرار في الانهيار»، لافتا الى «ان تشكيل الحكومة واجب وطني على الحريري وكلّ الشرائح المعنيّة».
كتلة «المستقبل»
وبعد لقاء الرئيس عون، تحدث النائب سمير الجسر باسم كتلة «المستقبل» فقال «نسمّي الحريري لتكليفه بتأليف الحكومة العتيدة».
أضاف: «نحن مع كل كلام طيّب يساهم في قيام البلد ويساعد في رفع الآلام عن الناس».
كتلة «الوفاء للمقاومة»
وقال النائب محمد رعد باسم كتلة «الوفاء للمقاومة» «لم نسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة علّنا نسهم في ذلك في إبقاء مناخ إيجابي يوسّع سبل التفاهم المطلوب».
اضاف «لن نتعب ولن نملّ ولن نيأس ونرى أن التفاهم الوطني هو الممر الإلزامي لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه ونجاح العملية السياسية وتحقق مصالح اللبنانيين عموماً يتوقّفان على هذا التفاهم».
«التكتل الوطني»
وتحدث النائب طوني فرنجية باسم «التكتل الوطني» فقال: «في هذا الظرف الصعب والدقيق من تاريخ لبنان لا بد من الإسراع في التكليف والتأليف، واليوم سمّينا الرئيس الحريري لتأليف الحكومة المقبلة، ونتمنى له التوفيق، ونتمنى أن تُكلّف الحكومة بعيداً من المناكفات فنحاسبها على إنجازاتها».
واشار الى «ان جزءاً من المسيحيين لا يريد القتال مع الشيعة ولا الدخول في حرب تحجيم مع السنّة ومع احترامي للجميع نحن جزء من هؤلاء ونمثّل مسيحيين بما فيه الكفاية لتأمين الغطاء».
«اللقاء الديمقراطي»
وبعد لقاء الرئيس عون، تحدث النائب تيمور جنبلاط باسم «اللقاء الديمقراطي» فقال «لمحاولة انقاذ البلد والمبادرة الفرنسية، كتلة اللقاء الديمقراطي تسمي الحريري».
كتلة «الوسط المستقل»
وقال النائب جان عبيد باسم «الوسط المستقل» «رشّحنا الحريري والاهم في المرحلة المقبلة تحقيق وحدة الموقف لمواجهة الصعاب والعمل في سبيل الوطن».
أضاف «لا نريد الدخول بمواضيع اقليمية ودولية ونتمنى ان يبقى هذا الاجماع حول لبنان».
القومي
ولفت النائب أسعد حردان إلى أن «اللقاء مع رئيس الجمهورية كان في إطار الاستشارات لمسألة التكليف وكررنا قلقنا على مصير البلد على كافة المستويات»، مشيراً الى «ان المواطن يئن من الوضع الاقتصادي في لبنان».
وقال بعد لقاء «الكتلة القومية الاجتماعية» «نحن شبعنا من توصيف الوجع ونريد حلولاً والبلد في فراغ ومطلبنا حكومة في أسرع وقت ووضع الملف الاجتماعي على قائمة الحلول».
اضاف «الإصلاحات ضرورية لكن الامن الاجتماعي ضرورة أكثر، لذلك سمّينا سعد الحريري لتحمُّل المسؤولية».
اللقاء التشاوري
اما النائب الوليد سكرية فقال باسم «اللقاء التشاوري»: «نمتنع عن تسمية أحد لرئاسة الحكومة، خصوصاً وان هناك مرشحاً وحيداً مع التأكيد ان موقفنا ليس شخصياً وسنحكم على الأفكار والمشاريع والأعمال ونتمنى على الرئيس المكلف الإسراع في تأليف حكومته ونتمنى له التوفيق».
واوضح «ان السياسة الاقتصادية منعتنا من التسمية ونحن ابلغنا ذلك لمستشاري الحريري انهم اذا اتبعوا سياسة اقتصادية تحمي الشعب كما طرحته حكومة دياب سنسمي الحريري لكن لم نلقَ جواباً».
الجمهورية القوية
وتحدث النائب جورج عدوان باسم تكتل «الجمهورية القوية» فقال : «نحن لن نسمّي أحداً ويمكن للبعض أن يسأل لماذا لم نسم وهناك شخص يُكلف لكننا نأخذ بعين الاعتبار أن لديه أكثرية في المكون الذي يمثله».
وسأل عدوان «احتراماً للميثاقية نحن لم نسم أحداً إنما اليوم اللبنانيون يسألون إلى أين نحن ذاهبون بعد تكليف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري؟ السؤال هل تعلمت أكثرية القابضين على السلطة؟ هل تعلم من يأخذ الناس رهينة على مدى سنوات؟ هل تعلموا بأنهم لن يستطيعوا أن يكملوا على هذا المنوال»؟
واوضح «اننا لن نشارك في تسمية أشخاص من أصحاب الاختصاص بل سيتم اختيارهم من قبل الرئيسين عون والمكلف».
اما بالنسبة للنائب جان طالوزيان الذي اختار تسمية الحريري مستقلاً، قال عدوان «نحن كتلة تناقش وتأخذ قرارها وهذا ما حصل وأخذت قرارها بعدم التسمية وفي حال أراد طالوزيان تسمية الحريري يكون قد اتّخذ قرار الخروج من الكتلة وسنرسل ورقة لفخامة الرئيس فهناك 3 أشخاص غائبين الأول بداعي السفر واثنين بداعي المرض».
دمرجيان
من جهته، سمى النائب ادي دمرجيان الحريري لرئاسة الحكومة.
ضاهر
وقال النائب ميشال ضاهر «سمّيت سعد الحريري لأن هذا الوقت هو وقت للتضامن ونحن بحاجة الى حكومة انقاذية ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والمالي».
المشنوق
وسمّى النائب نهاد المشنوق الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة الجديدة. وقال «سمّيت الرئيس الحريري لأسباب عدة، منها تبنيه الكامل والعلني المبادرة الفرنسية الاصلاحية التي هي المبادرة الوحيدة المتاحة لنا الآن».
ودعا إلى تأليف «حكومة اختصاصيين يبدأ على أساسها العمل بشكل جدّي». وقال «الخلاف مع الحريري سياسي والاتفاق أيضا وأتمنى أن يكون التأليف أقل تعقيداً مما أعتقد».
اسامة سعد
اما النائب أسامة سعد الذي لم يسم أحداً في الاستشارات، فقال «لبنان من دون سلطة وطنية ولا جدوى من حكومة ملفاتها في ملاعب الأمم لبنان».
مخزومي
من جهته، قال النائب فؤاد مخزومي «لم اسمِّ الحريري، اذ لا يمكن ان نقنع الناس بجديد بعد الطريقة التي رشّح نفسه بها والاداء بعد 17 تشرين».
روكز
بدوره، اعلن النائب شامل روكز انني لم اسم احدا مع تمنياتي بتشكيل حكومة باسرع وقت ولكن للاسف التفاهمات تؤدي الى محاصصات والمحاصصات الى الفساد.
السيد
وقال النائب اللواء جميل السيد من قصر بعبدا «لم أسم أحدا على رغم أن البلد بحاجة إلى حكومة، لكن في هذه الحكومة يبدو أن الحريري هو الشخص الذي سيأخذ الأصوات. أسباب عدم تسميتي له يعود إلى انني أعتبر بأن الإنسان لا يتغير وفي التركيبة المقبلة سيكون مضطرا إلى المضي قدما بالتركيبة القديمة».
جهاد الصمد
من جهته، قال النائب جهاد الصمد «لأننا لا نملك ترف المناورة ولأن المرحلة تقتضي تجاوز الخلاف السياسي ولأن مهمة اي حكومة هي اعادة الثقة بلبنان الدولة ومع قناعتي الكاملة ان التأليف لن يكون مختلفاً عما بعد الطائف اسمّي سعد الحريري متمنياً له التوفيق.»
النائب الصمد خلال لقائه الرئيس عون
طالوزيان
اما النائب جان طالوزيان فقال عقب لقائه الرئيس عون «البلد يمرّ بمرحلة صعبة واللبنانيون جميعهم يعانون من أزمة، انطلاقا من هنا هناك اجماع على ان يكون لدينا حكومة انقاذ تقوم باصلاحات وتوقف الانهيار الذي نعيشه، ولا يمكن القيام بكل ذلك اذا لم نسم رئيسا للحكومة لذلك سمّيت الحريري «.
... والنائب طالوزيان (تصوير: دالاتي ونهرا)
واشار الى «ان هناك اختلافاً بالرأي مع «القوات» بموضوع تسمية الحريري وهذا لا علاقة له ببقائي أو خروجي من التكتل «وهيدا منحكي فيه بعدين وأنا مش حزبي».
لبنان القوي
من جانبه، قال رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل «موقف التيار بعدم تسمية أحد معروف منذ فترة لأن موقفنا مع حكومة اصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وبرنامجها. موقفنا سياسي ولا خلفيات شخصية له وحصل تحوير لموقفنا في الاعلام وكأنه مرتبط بلقاء أو اتصال وهذا الأمر لم نطرحه أبدا. ولم نتحدث أبدا عن الميثاقية بالتكليف ومن قام بهذا الموضوع هو الحريري بذاته سابقا عندما رفض أن يُكلف من دون دعم الكتل المسيحية الوازنة».
واعتبر «ان بعد تكليف الحريري بتنا امام حكومة تكنو سياسية وهنا يجب مراعاة الميثاقية».
ضمانة الجبل
اما النائب ماريو عون فقال باسم كتلة ضمانة الجبل: لم نسمّ احداً».
النواب الارمن
بدوره، اعلن النائب هاغوب بقردونيان باسم كتلة نواب الارمن «امام غياب خيارات اخرى ارتأينا تسمية الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة ونتمنى عليه الانفتاح وتشكيل حكومة انقاذية جامعة ومتعاونة مع الكتل النيابية.
التنمية والتحرير
اما كتلة «التنمية والتحرير» فأعلنت تسميتها الحريري لتشكيل حكومة تنفذ الورقة الاصلاحية.
وتحدث باسمها النائب أنور الخليل فقال: «نعلن باسم كتلة التنمية والتحرير النيابية التي يرأسها الرئيس نبيه بري تسمية دولة الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة انقاذ بأسرع وقت ممكن، يكون في سلم أولوياتها تنفيذ البنود الاصلاحية والانقاذية التي تضمنتها المبادرة الفرنسية وخاصة مكافحة الفساد وتنفيذ جميع القوانين التي أصدرها مجلس النواب ولم تنفذ وعددها 54 قانونا، وإعادة الثقة بالدولة وبمؤسساتها من المجتمع اللبناني والمجتمعين العربي والدولي، وطمأنة بأن الوطن من خلال الوحدة والحوار قادر بإذن الله على صنع قيامته مهما اشتدت الازمات».
بعد ذلك، اطلع الرئيس عون الرئيس بري على نتائج الاستشارات النيابية الملزمة.
مع الرئيس بري و«التنمية والتحرير»
بيان التكليف
وبعد انتهاء الاستشارات النيابية، تلا المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير بيان التكليف، وجاء فيه: «صدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية البيان التالي: عملا بأحكام البند /2/ من المادة /53/ من الدستور المتعلق بتسمية رئيس الحكومة المكلف، وبعد أن أجرى رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة ، وبعد أن تشاور مع رئيس مجلس النواب وأطلعه على نتائجها رسميا، استدعى رئيس الجمهورية السيد سعد الدين الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة».
وسئل الدكتور شقير عن عدد الأصوات التي حصل عليها الرئيس الحريري، فأجاب: «حصل الرئيس الحريري على 65 صوتا، ولم يسم 53 نائبا احدا، وسجل غياب نائبين».
لقاء ثلاثي
وعند الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر، وصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا، وانضم الى لقاء الرئيسين عون وبري.
بري
وقبل مغادرته قصر بعبدا، قال الرئيس بري ردا على سؤال اذا ما ستكون مهمة تشكيل الحكومة سهلة؟: «ان الجو هو عكس الجو التشاؤمي القائم في البلد الذي يؤثر علينا جميعا. اني أقول لكم ان الجو تفاؤلي خصوصا بين الرئيسين عون والحريري وبوجه اخص في المستقبل بين تياري «المستقبل» و«الوطني الحر».
سئل: كم سيطول التشكيل؟
أجاب: «اسرع ما يمكن».