بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيلول 2020 12:00ص حكومة أديب والوقت الضائع

حجم الخط
وماذا بعد إنجاز مرحلة التكليف وانتظار مرحلة التأليف... السفير والدبلوماسي المخضرم مصطفى أديب رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة العتيدة في لبنان في ظل أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية مترهلة لم يشهد لبنان مثيلاً لها على مدى تاريخه المعاصر والتي دفعت بجميع المعنيين بالشأن اللبناني محلياً واقليمياً ودولياً لتكثيف الجهود والاتصالات بهدف تخطي هذه المرحلة الصعبة في البلد بأقل خسائر ممكنة، وذلك من خلال إجراء الإصلاحات اللازمة والمطلوبة دولياً لا سيما من قبل صندوق النقد الدولي وسائر المؤسسات العالمية المهتمة بالشأن اللبناني، كما الدول والمؤسسات الفاعلة والمؤثرة على هذا الصعيد.

أما كيف ستكون عليه صورة الحكومة الجديدة في لبنان ومن هي الأسماء المطروحة والمتداولة لتسلم الوزارات في حكومة الرئيس أديب؟ وبالتالي هل ستكون حكومة إختصاصيين أو تكنوقراط أو تكنوسياسية، وهل ستكون حكومة مصغرة أو موسعة أو فضفاضة، هذا السؤال لا يُمكن الإجابة عليه الآن بانتظار ما ستؤول إليه الاتصالات الجارية والإستشارات غير الملزمة التي أجراها أمس الرئيس المكلف مع الكتل النيابية في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بهدف تكوين صورة واضحة عن المرحلة المقبلة وعن المشهد المستجد على الساحة اللبنانية، مع التأكيد ان جميع من يعنيهم الأمر بالشأن الحكومي واللبناني يجمعون ويؤكدون على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين في هذه الظروف الاستثنائية التي مرّ بها لبنان حالياً.

من هنا، فإن الانتظار سيبقى سيّد الموقف على مدى الساعات وربما الأيام المقبلة ريثما تنجلي الصورة بوضوح في ما يتعلق بالشأن اللبناني عامة والحكومي خاصة. ويأتي تكليف الرئيس مصطفى أديب بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثانية إلى لبنان خلال شهر والذي كان له اليد الطولى في إنجاح هذه الخطوة وتذليل العقوبات والصعوبات أمام التكليف الذي حصل والمرسوم الذي صدر بتسمية الرئيس أديب.

هذا الموقف الفرنسي له أهمية بالغة تجاه الوضع الراهن في لبنان ما يُؤكّد مجدداً على مدى إهتمام فرنسا بشكل خاص كما سائر دول العالم الفاعلة أيضاً بهذا الوضع وبما يشكله هذا البلد من صلة وصل بين الشرق والغرب وبموقعه المميز على البحر المتوسط من جهة، وأيضاً للتداعيات التي يُمكن أن تنعكس على دول المنطقة في حال تدهور وانهار الوضع اللبناني - لا سمح الله - على مختلف الصعد.

أما ماذا حمل الرئيس الفرنسي في جعبته تجاه معالجة الوضع في لبنان وما هي الاقتراحات والحلول التي طرحها على جميع المعنيين، فإن ذلك سيظهر من خلال سلسلة الاجتماعات واللقاءات والاتصالات التي أجراها الرئيس ماكرون في بيروت مع المسؤولين اللبنانيين، ومع ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية والفعاليات، إضافة إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وممثلي المجتمع المدني بهدف إيجاد قواسم مشتركة وطرح أفكار يتلاقى خلالها الجميع على مواقف محددة تجاه الوضع اللبناني ودعم حكومة الرئيس أديب ووضع القطار الحكومي على سكة الانطلاق للوصول إلى الهدف الذي يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين جميعاً. أما كيف ولماذا وقع الخيار على شخص السفير مصطفى أديب فمن الصعب الإجابة على هذا السؤال الآن، إنما ما لاح ويلوح في الأفق، أشار إلى أن الرجل على علاقة طيبة بمختلف الأطراف في لبنان، كما بدا ذلك بوضوح من خلال معارفه وأصد قائه، أضف إلى ذلك ان الرئيس المكلف يحمل كما زوجته الجنسية الفرنسية، وهذا ما يُساعده على الانفتاح على المسؤولين في الخارج بشكل عام وفي فرنسا بشكل خاص، وأن ذلك يعتبر فائضاً إضافياً من شأنه أن يسهل مهمته رغم الظروف الصعبة التي قد تواجهه في هذه المهمة التي سيتحملها.

وبحسب كل المؤشرات التي تبدو وتلوح في الأفق، فإن حكومة الرئيس مصطفى أديب ستكون حكومة انتقالية لأشهر عديدة تنجز من خلالها الإصلاحات المطلوبة دولياً وتسعى لإعادة النظر في بعض أسس النظام المهترئ في لبنان لا سيما الإدارية والمالية والاقتصادية منها، كما تحاول وضع حدّ للتوترات الأمنية المتنقلة بين منطقة وأخرى ريثما يظهر المشهد الجديد على صعيد لبنان والمنطقة في وقت لاحق، ويربط المراقبون الأمر بالوقت الضائع الذي يفصلنا عن موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني القادم، والتي من خلال نتائجها سيحدد المسار الجديد كما خريطة الطريق للمنطقة أيضاً ومن ضمنها لبنان بالطبع على أمل ان تستمر وتنجح الاتصالات والجهود المكثفة لإنقاذ لبنان وإخراجه من هذه المحنة الخطيرة خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت والذي شكل زلزالاً كبيراً على البلد إقتصادياً ومادياً ومعنوياً وبشرياً في آن معاً.