الأعمال التخريبية التي شهدتها مدينة طرابلس أمس بعد ثلاثة ليالي من التحركات الاحتجاجية والاعتداءات المتكررة على سرايا طرابلس من قبل أطفال لم تتجاوز أعمارهم 14 او 16 سنة يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول ما هو المراد من مدينة طرابلس؟!
المؤسف كيف ان أطفال قاموا بتهديم سور السرايا وإطلاق قنابل المولوتوف عليها واحراق أشجارها ومن ثم المحكمة الشرعية بالأمس كل ذلك على مرأى ومسمع الجيش اللبناني والذي آثر الوقوف عند مفارق المداخل الى ساحة النور من دون التدخل لردعم الا بعد الساعة العاشرة ليلا لتتحول بعدها شوارع طرابلس الداخلية الى ساحات معارك حقيقية ومن بعدها يعود المشاغبون الى منازلهم من دون القاء القبض عليهم ليعودوا في اليوم التالي ويكرروا نفس التحركات أليس الأمر مستغربا؟!
منذ بدء اليوم الأول للتحركات والعديد من أبناء المدينة يؤكدون على وجود الغرباء الذين يسرحون ويمرحون في الساحة مما دفع البعض الى الخروج منها، وليلة حرق بلدية طرابلس ازدادت أعداد المحتجين بشكل كبير في الساحة لتبدأ الاشتباكات مع القوى الأمنية في محيط السرايا، الكل كان يشتم رائحة ما بيد ان أحدا لم يجرؤ على النطق بالحقيقة والتي تمثلت بأعمال التخريب التي طالت شركة كونكس وحلويات رفعت الحلاب ومن ثم تم الانتقال الى بلدية طرابلس وهنا تطرح الكثير من علامات الاستفهام كيف دخل المشاغبون اليها؟؟؟ أين هي الشرطة البلدية المولجون بحماية المبنى ليلا في الأيام العادية فكيف الحال مع الاستثنائية؟؟؟ لماذا لم يكون هناك تواجد الجيش بل لماذا تأخر في الحضور حتى أنهى المشاغبون أعمال الشغب وأحضروا سيارة بيك أب وسرقوا ما سرقوه وكل هذا يتطلب الكثير من الوقت قبل أن يعمدوا الى احراق المبنى.
فعلا هي قضية غريبة لم تدفع السياسيين في المدينة سوى لتوجيه بيانات الاستنكار والاحتجاج على الفوضى القائمة والمطالبة بالضرب بيد من حديد جملة لطالما سمعناها من أفواه السياسيين في زمن الجولات القتالية فهل العودة محتومة الى ذلك الزمان؟!
طرابلس اعتادت أن تكون صندوق بريد وطالما أن السياسيين يتخبطون ببعضهم البعض يوجهون الرسائل المتبادلة فبالطبع ستكون طرابلس حاضرة في أذهانهم بغية الوصول لمبتغاهم.
ما جرى يؤكد على تواطؤ الجميع بغية إعادة الصورة المشوهة الى طرابلس لكن السؤال المطروح اليوم هل ان عودة التحركات الى الشارع ووقوف المواطن الطرابلسي في وجه السلطة الفاسدة هو الذي شكل الدافع الحقيقي لاحراق البلدية؟!
لا شك بأن الكل مقصرا بدءا من شرطة البلدية والتي رفض قائدها الادلاء بأي تصريح خوفا من توجيه الاتهام للشرطة المعنية بحفظ أمن البلدية والى جانب الشرطة هناك القوى الأمنية والجيش الذين تأخروا كثيرا في الحضور بهدف حماية البلدية.
طرابلس متروكة ولها رب راعيها لكن السياسيين بعيدين كل البعد عن همومها باستثناء اجتماع عقد في دار الفتوى وجمع رجال الدين والأمن للاستنكار، أمور اعتدنا عليها سابقا لكن دون نتيجة!
الخير
رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير الذي كان يتفقد المبنى قال :نحن دائما مع الشعب الفقير ومن لحظة استلامنا الهيئة نقول ان الحرمان موجود في مدينة طرابلس ،في التبانة وفي القبة وكل المناطق الشعبية وعكا وغيرهم من المناطق .ونحن اليوم هنا لنؤكد لرئيس البلدية والاعضاء دعمنا في اعادة اصلاح الاضرار كما ودعم كل المرافق والمؤسسات التي تضررت بالامس .
وردا على سؤال عن من يقف وراء اعمال التخريب قال: الكل يعرف من يقوم باعمال التخريب وانشاء الله ستتمكن الاجهزة الامنية من توقيفهم.
الدكتور يمق
رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق قال:" ما حصل في مدينة طرابلس هو بعيد جداً عما يقال بأنه خبز الفقراء، الفقراء لم يهاجموا طرابلس، من هاجم بلدية طرابلس هم المشاغبون المأجورون كون البلدية كانت عقبة في وجه أي مخرب وأي طائفي ومتعصب، وكل من يريد السوء للمدينة، البلدية كانت دائماً الى جانب فقراء طرابلس والأحياء الشعبية، وعمالها يعملون بالرغم من أزمة الكورونا، طرابلس وان كانت الأفقر على حوض المتوسط الا ان لأبنائها كرامة وعنفوان وتاريخ".
وتابع:" هي رسالة علمنا بها وسيكون لنا ردة فعل قوية بدأت من خلال الالتفاف على المدينة والبلدية والتي وقفت دائما الى جانب الثوار والذين جاؤوا لتأييد بلديتهم".
وختم:" المبنى القديم احترق بيد ان الأرشيف لم يطاله أي حريق طبعاً الخسائر كبيرة جداً ولن يكون هناك الا الخير".
قمر الدين
الرئيس الأسبق لبلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين أكد انها رسالة "للمدينة ولذلك استهدفت كما السرايا، نحن نأسف لما يجري على الأرض والاعتداءات على المؤسسات العامة، القوى الأمنية تأخرت في التدخل".
الدكتور بخاش
من جهته عضو المجلس البلدي الدكتور باسم بخاش قال:" لا شك أن الضربة موجعة كون البلدية قلب ووجدان المدينة، الضربة غريبة كون البلدية وقفت الى جانب الثوار ولم تعاكسهم، لم نكن نتوقع هذه الضربة ، من هجم على البلدية غرباء لقد تم رؤية صورتهم عبر الكاميرات وسمعنا اصواتهم لهجاتهم ليست طرابلسية، نعم هناك علامة استفهام كبيرة ووضع المدينة على فوهة بركان فكيف لا يكون هناك نقطة عسكرية على باب البلدية؟؟؟ هناك شبهات كبيرة لكن هناك كاميرات صورت كل شيء ونطالب بتحقيق جدي وفعلي هذه المرة والضرب بيد من حديد بغية محاسبة الفاعلين اذ من غير الوارد وقوع الكوارث بشكل مستمربلا محاسبة".
ورداً على سؤال قال:" نعم الأضرار كبيرة ولكن الحمدلله أن الملفات والسجلات المالية والهندسية بقيت بخير كونها موجودة في طابق لم يطالهه الحريق، باستثناء المعاملات اليومية والتي احترقت بالكامل،لكن الحريق لا يؤثر على المبنى البلدي".
الدكتور تدمري
أما عضو المجلس البلدي الدكتور خالد تدمري فقال:"هي رسالة للمدينة ممثلة بالبلدية، لأنه ومنذ اندلاع الثورة وما من جهة فاعلة في المدينة سوى البلدية مع اختفاء تام لكل القيادات السياسية وللأسف، طبعاً شرطة البلدية مسؤولة لكن نحن بانتظار التحقيق".
وقال:" نحن نسأل أين هو دور القوى الأمنية والأجهزة الاستخباراتية الموجودة على الأرض، الكل علم بأن المشاغبين توجهوا الى البلدية وهي ملك لكل اللبنانيين فلماذا كل هذا الاهمال؟؟".
وختم:"هناك طابور ثالث ولا نتهم الثوار ولا نتهم أبناء المدينة كل من قام بهذا العمل هم غرباء عن المدينة وهي أيادي مشبوهة ونحن نطلب من القيادات المعنية كشف الحقيقة سيما وان كاميرات المراقبة متوفرة وهناك بيك أب نقل الكثير من الأغراض فكيف تم ذلك ؟؟؟ وكيف تحركوا بكل حرية؟؟؟ هناك تقصير فاضح وهوة أمنية وقعت فيها المدينة".
هذا ونفذ المجتمع المدني في طرابلس وفاعليات اقتصادية وثقافية وقفة تضامنية واستنكارية أمام بلدية طرابلس للتأكيد على أن المدينة غير متروكة من أهلها ولن يكون للأيادي العالقة بأمنها واستقرارها أي مكان فيها.