بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تشرين الثاني 2017 10:10ص عون يفتح باب بعبدا للتشاور واستمزاج آراء القيادات بشأن الاستقالة ويستكملها اليوم

تلاق حول ضرورة التريث بانتظار عودة الحريري ودعوات لحفظ الاستقرار

الرئيس عون أثناء استقباله الرئيس ميشال سليمان الرئيس عون أثناء استقباله الرئيس ميشال سليمان
حجم الخط
ربما هي أكثر من مشاورات تلك التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سياق معالجة تداعيات إعلان استقالة الرئيس سعد الحريري، فالقصر الجمهوري لا يضعها في خانة الاستشارات, لكن تصريحات القوى السياسية المحصورة بالرؤساء السابقين اوحت ان البحث شمل المرحلة المقبلة.
فالرئيس ميشال سليمان قدم طرحاً مكتوباً كما تبنى موقفه الرئيسان أمين الجميل وفؤاد السنيورة، حيال وضع لبنان الحالي وإعلان بعبدا. اما من اعقبهم في الحضور إلى قصر بعبدا فلم يصرّح بعدما لاحظ المعنيون ان بعض المواقف خرجت عن الغاية المنشودة. في الشكل، كان المشهد عبارة عن استنساخ لمشاهد الاستشارات النيابية لجهة الحضور السياسي باستثناء من هو ليس نائباً، كما لجهة الجولات الصباحية والمسائية والحضور الإعلامي وغابت التسمية فقط، فهي تنتظر المرحلة اللاحقة وبت مصير الإعلان.
رئيس الجمهورية الذي قاد مشاورات ويستكمل المسار عينه في الأيام المقبلة لا يزال يتريث في حسم خطوته، لكن مصادره أكدت ان سبب ذلك يعود إلى أن مرحلة تصريف الأعمال تستدعي وجود رئيس الحكومة في السراي لأكثر من سبب، كما ان أي توضح يتم من خلال التواصل بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وهو كفيل في رسم المشهد اللاحق.
وأشارت المصادر إلى ان الرئيس عون ركز في لقاءاته على الوحدة الوطنية وتوحيد الصف، مطمئناً للوضعين الأمني والاقتصادي.
وقالت ان الرئيس عون يحترم كرامة وموقع رئاسة الحكومة ويتمسك بالدستور وبفلسفة الدستور ومقتضيات الميثاق الوطني، وهذا سبب إضافي للتريث.
وأفادت مصادر مطلعة ان هناك شبه إجماع توفّر حيال تأييد الخطوة الرئاسية في هذا الإطار، غير ان هناك ممن التقى رئيس الجمهورية فضل عدم التأخير في بت الموضوع، ومنهم من عرض لرأيه السياسي وقدم الاقتراحات، ومنهم من أشار حقيقة إلى موضوع «حزب الله»، أما الرئيس عون فظل يستمع إلى ضيوفه السياسيين، وبالنسبة إليه عودة الحريري مهمة لإزالة الإلتباس والاطلاع على الظروف التي أملت قرارا يُتخذ للمرة الأولى خارج لبنان وفي خطوة بعيدة عن التقاليد والأعراف، كما لكل ما اشيع عن إقامة جبرية وغير ذلك.
وتحدثت المصادر المطلعة نفسها عن تواصل يتم بين قصر بعبدا وفريق عمل الرئيس الحريري، وبينهم وبين وزارة الخارجية والمغتربين، مؤكدة ان المواقف الصادرة عن بعبدا ودار الفتوى متناسقة.
وفي قصر بعبدا اليوم تستكمل مروحة مشاورات رئيس الجمهورية لتشمل احزاباً وروابط، بعدما أظهر يوم أمس استمرار التباين في القراءات لما يشهده لبنان، والتي كان إعلان الاستقالة سبباً لها ربما، وأن العودة، ووحدها العودة للرئيس الحريري تشكّل مفتاح الحل، وإلى حينه يبقى التريث سيّد الموقف والدعوة إلى التسلّح بالوعي مسألة مطلوبة.
اما مشهد حضور الرئيس اميل لحود إلى قصر بعبدا منذ مغادرته له في ليل 23-24 تشرين الثاني 2007، وإذا كان هناك من أراد جس النبض من خلال ما يمكن ان يقوله رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، فلم يفلح الا بالتقاط الصور معه.
فكيف كان عليه يوم المشاورات في القصر الجمهوري؟
شريط المشاورات
وكان رئيس الجمهورية بدأ سلسلة لقاءات تشاورية مع قيادات وشخصيات رسمية وسياسية وحزبية، لبحث نتائج اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من خارج لبنان والسبل الكفيلة للخروج من الازمة المتأتية عن هذه الاستقالة.
وفي هذا السياق، التقى الرئيس عون عند العاشرة صباحاً في قصر بعبدا رئيس الجمهورية السابق امين الجميل الذي قال: «نحن نمر في مرحلة صعبة جداً ونعلم تماماً أن جذور الازمة الراهنة تعود الى زمن طويل، ولم تأت بشكل مفاجئ وإنما هي ترجمة للمسار الحالي إنطلاقاً من التسوية التي حصلت. وفي الواقع لقد تبين أن كل تسوية لها أجل وربما البعض اعتبر أن أجل التسوية الحالية قد حان، ولذلك قدم الرئيس الحريري استقالته. أنا لا أحسد الرئيس عون على التحديات التي يواجهها، وقد واجهت مثلها ولكن تحت نيران المدفع، على عكس اوضاع اليوم حيث يسود الهدوء ويشعر الجميع بالمسؤولية على الصعيدين الامني والاقتصادي، وآمل أن يستمر الهدوء في هذا الشكل».
ورأى أن «علينا جميعاً التعاون من اجل إيجاد المخرج لهذه الازمة، فنحن نسمع كلاماً في الفترة الاخيرة عبر الاعلام، أن هناك فريقاً انتصر في كل المعارك، من المحيط الى الخليج، وقد حقق انتصارات وكأن المطلوب من لبنان أن يدفع ثمن تلك الانتصارات على حساب أمنه واقتصاده ووحدته ودوره وسيادته واستقلاله».
واستقبل الرئيس عون الرئيس الأسبق العماد اميل لحود الذي غادر من دون الادلاء بأي تصريح.
ثم استقبل رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان الذي شكر رئيس الجمهورية على استدعائه الشخصيات اللبنانية للتشاور في موضوع الازمة التي يمر فيها لبنان. فصحيح هي ازمة، ولكنها ستمر بخير وأنا متأكد من ذلك. أما بالنسبة للرأي الذي طلبه الرئيس عون، وبعد ان يطلع على اسباب الاستقالة، وفي حال اصرار الرئيس الحريري على عدم العودة، ارى أن الحكومة الحيادية او التكنوقراط هي افضل حل لإجراء الانتخابات تتزامن مع تشكيل هيئة الحوار الوطني لإعادة التأكيد على إعلان بعبدا ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية وبحث عودة النازحين السوريين، الذي يعتبر أهم موضوع اليوم يتطلب توافقا وطنياً. ويصار بعد ذلك الى تشكيل حكومة سياسية، بعد الانتخابات النيابية التي من الممكن أن تكون مبكرة، ويكون قد نُفذ تحييد لبنان وسحب حزب الله عناصره من الخارج، والتزم باستراتيجية دفاعية. 
ثم التقى الرئيس عون رئيس المجلس النيابي السابق الرئيس حسين الحسيني الذي لم يدل بعد اللقاء بأي تصريح.
بعد ذلك التقى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي اوضح ان «الحديث تناول موضوع الازمة الراهنة وكيفية الخروج منها وعن اسباب الاستقالة وكيفية معالجتها في المستقبل، وقد شرح لي رئيس الجمهورية اسباب التريث في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء، وقد اقتنعت بهذه الاسباب، وهذا التريث من باب الحكمة. اذا كان لا بد من كلمة أقولها لكل لبناني مخلص، فهي أنني خرجت من هذا الاجتماع وانا متفائل وعلى ثقة برؤية الرئيس عون، خاصة عندما شرح لي أن هذا الامر وطني يتعلق بجميع اللبنانيين، ومن مسؤولية رئيس الجمهورية المحافظة على الدستور وعلى التوازنات في البلد. اقول بكل صراحة أنني متفائل وان شاء الله نخرج من هذه الازمة لأيام افضل بإذن الله».
ثم التقى رئيس الجمهورية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي تحدث الى الصحافيين بعد اللقاء فقال: «كانت مناسبة للتداول في صميم المشكلات، وأؤكد أن عودة الرئيس الحريري هي الاولوية على أي أمر آخر، وفي الوقت نفسه يجب العودة الى التبصر والتنبه الى المخاطر التي يعيشها لبنان والمشكلات التي علينا معالجتها. فهناك خلل داخلي في لبنان يتراكم، وحاجة للتنبه الى هذا الامر بشكل كبير، كما هناك خلل متراكم على الصعيد الخارجي. إذ أن لبنان كان حريصاً دائماً على أن يكون في موقع الوسط وعدم الانحياز. وقد أصبح واضحاً انحياز لبنان في سياسته الخارجية الى المحور الذي يخالف مصالحه، وعلينا تصويب البوصلة وإعادة الاعتبار على الصعيد الداخلي عبر احترام اتفاق الطائف والدستور واستعادة الدولة القوية المسؤولة عن كامل أراضيها، وبالتالي إنهاء هذه الحال من التناثر والانحلال للدولة اللبنانية لأن هذا الامر غير مستقيم، ولا نستطيع أن نستمر في هذه الحال التي وصلنا اليها على الصعيد الداخلي. أما الامر الثاني فهو استعادة الاحترام للشرعية العربية القائمة على نظام المصلحة العربية، والثالث استعادة الاحترام للقرارات الدولية التي يلتزم بها لبنان. ولذلك علينا معالجة ما حصل عبر مزيد من الوحدة الوطنية وإعادة الاعتبار لإعلان بعبدا واتخاذ الاجراءات الاصلاحية الصحيحة على كل الصعد الداخلية والعربية والدولية».
واشار الرئيس السنيورة رداً على سؤال الى أن الرئيس الحريري عائد، ونحن في «كتلة المستقبل»، نريد عودته، وموقفنا دائماً هو اننا الى جانبه ونرشحه الى رئاسة الحكومة».
كذلك استقبل رئيس الجمهورية النائبة بهية الحريري، ثم تيمور وليد جنبلاط والنائب غازي العريضي نيابة عن النائب وليد جنبلاط الذي تعرض لوعكة صحية. وقال تيمور جنبلاط بعد في بيان وزعه بعد الزيارة: «يبقى الحوار أساس لتجاوز أي تحدٍ ونحن هنا في زيارة لرئيس الجمهورية من أجل التأكيد على التزامنا بالتوصل إلى تسوية تحت سقف المؤسسات الدستورية».
وكان رئيس الحكومة السابق تمام سلام قد اعتذر عن الحضور بداعي السفر.
الجولة الثانية
وافتتحت الجولة الثانية من اللقاءات، عند الثالثة بعد الظهر بلقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
بعدها، التقى رئيس الجمهورية، رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال ارسلان، الذي وزع مكتبه الاعلامي تصريحا هنأ فيه رئيس الجمهورية على مقاربته بموضوع استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة، والتريث الذي قام به الرئيس عون بعدم قبوله للاستقالة واعتباره أن الرئيس الحريري ليس رئيسا سابقا للحكومة، ولا يزال رئيسا حاليا لها، الأمر الذي يشجع على وحدة اللبنانيين والتفافهم حول المؤسسات الدستورية في البلد، وحماية الأمن الإجتماعي والسياسي، كما يساهم بعدم تعرض اللبنانيين لانقسامات تؤدي إلى خراب هذا الوطن».
أضاف: «موقف رئيس الجمهورية موقف مقدر جدا ومثمن جدا، وهذا يشكل ضمانة كبيرة لعمل المؤسسات الدستورية والوحدة بين اللبنانيين».
وختم: «علينا أن ننتظر لنعلم حيثيات هذه الاستقالة، وأن لا نبني مواقف من خلال التكهنات والتحاليل استنادا على مصادر إعلامية ومعلومات من هنا وهنالك، ونحن سننتظر عودة رئيس الحكومة اللبنانية الشيخ سعد الحريري لمعرفة حقيقة ما حصل».
 ثم التقى عون الامين العام لحزب «الطاشناق» النائب آغوب بقرادونيان، وبعده رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
كما استقبل الرئيس عون، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ثم النائب اسعد حردان، فرئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل.
واختتم رئيس الجمهورية اليوم الاول من لقاءات التشاور بلقاء وزير الخارجية والمغتربين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
واجرى الرئيس عون اتصالا هاتفيا برئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص، وتداول معه في التطورات السياسية، لا سيما بعد استقالة الرئيس الحريري، واطلع على وجهة نظره حيال ما يجري.
واكد الرئيس الحص «ضرورة العمل على رص الصفوف وتنحية الخلافات والمناكفات بين مجمل المكونات السياسية في لبنان، والحفاظ على حصانة القامات اللبنانية وصون كرامة الوطن وسيادته، ومنع الهيمنة على القرار الوطني اللبناني من اي جهة كانت».
كما اكد «ضرورة بذل الجهود في سبيل الحفاظ على امن الوطن وتسييج السلم الاهلي بالوحدة الوطنية».
وختم: «نتكل على تبصركم وحكمتكم وشجاعتكم، وفقكم الله وسدد خطاكم وحمى لبنان».
ويستكمل الرئيس عون اليوم لقاءاته التشاورية في قصر بعبدا.