بعد استقرار نسبي جنوبًا، عادت الأنظار الى الحدود مع فلسطين المحتلة حيث القواعد الجديدة غير المعلنة للاشتباك، والتي تنذر بتطورات لا تشبه سابقاتها منذ حرب تموز 2006.
حزب الله أعلن قصف أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم، لينتقل «الاشتباك» رسميًا الى مرحلة متقدمة.
المنطقة على صفيح ساخن، وللبنان حصة بالصراع نظرًا لموقعه الجغرافي ودور بعض جماعاته الداخلية بالأجندات الخارجية، القرار 1701 خُرق، الادارة الاسرائيلية الجديدة تُكمل التصعيد بوجه ايران الى حد الطلب بالتدخل العسكري المباشر، والرئيس الايراني الجديد «متشدد» لا اصلاحي، لما لكلمة متشدد من تأثير على القرارات السياسية في دولة كايران.
الربط المباشر ليس ببعيد عن ما يحصل في فيينا اليوم من محاولة لاحياء الاتفاق النووي، وحتى ورقة الحكومة اللبنانية تُربط بطهران، لا سيما أن الإفراج عن حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014 بعد تكليف دام قرابة السنة، أتى بعد أيام من صورة الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف الشهيرة عقب الإتفاق الأول.
كل هذا المشهد يعيدنا الى التصعيد جنوبًا، فهل تُشعل هذه الملفات حربًا طويلة؟ ولمصلحة من التفريط بما تبقى من استقرار في الداخل اللبناني؟
في حديث مع «اللواء»، علّق العميد الركن نزار عبدالقادر، على الأحداث الحدودية معتبرًا أن الدولة اللبنانية خسرت سيادتها على أرضها على الرغم من وجود القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، رابطًا ذلك بـ«قوة ثالثة» تحاول منع القوتين الشرعيتين المذكورتين من القيام بدورهما بتنفيذ القرار 1701.
وتعليقًا على محاولة «تجهيل مطلق الصواريخ الاولى»، واتهام عملاء لاسرائيل بشنها من لبنان لاعطاء العدو ذريعة للرد وتوسيع العملية، لفت عبد القادر الى أن في الجنوب لا يطلق «فتيشة» بدون ضلوع أو تغطية حزب الله.
وتخوّف عبد القادر من أن تكون هذه القوى تعمل لاستجلاب رد اسرائيلي صاعق قد يأتي على مطار بيروت ليدمّر كما دمّر المرفأ، ليتحوّل لبنان الى غزة ثانية، واللبنانيون الى أسرى الحصار الاسرائيلي كما هو حاصل في غزة، لخدمة الأهداف الاستراتيجية ل«محور الممانعة».
وتوقّع أن يطلق السيد نصرالله بكلمته المنتظرة مزيدًا من «الادعاءات والمناورات الكلامية والاجتهاد الكلامي» ليقول أن نحن في معركة مفتوحة مع اسرائيل تمتد من طهران الى الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط.
حرب موسعة بحالتين
في ما يخص التطور الخطير جنوبًا ومع اعلان حزب الله رده برشقات صاروخية على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير، أشار عبدالقادر الى أن اسرائيل تشن حرب على لبنان بحالتين.
الحالة الأولى، إذا قررت اسرائيل القيام بعملية محدودة ضد المراكز النووية الايرانية، فحينها وحتى لا تتلقى صواريخ من الخلف بواسطة حزب الله، فمن الممكن أن تشن اسرائيل ضربة لاضعاف حزب الله قبل تنفيذها هذا الهجوم المحدود على ايران.
الحالة الثانية، اذا استمر اطلاق الصواريخ من الجنوب، فاسرائيل لا يمكن أن تبقي على حال الرعب في مستوطناتها شمالًا، من هنا ستوجه ضربة تبدأ محدودة ومن ثم تتوسع.
ورأى أن الحزب سيرد فورًا مع تحليق أول طائرة اسرائيلية فوق ايران لقصف منشآت نووية.
لا استقرار منتظر
مع رحيل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وقدوم الديمقراطي جو بايدن، ظن كثيرون أن «الفرج أتى»، وأن المنطقة الملتهبة الممتدة من اليمن مرورًا بالعراق وسوريا فلبنان، ستشهد على الاستقرار الذي طال انتظاره، إلا أن ما نشهده ليس إلا استكمال للمشهد الدموي والتدميري وبشكل أوسع.
من هنا، ذكّر عبد القادر بتصريح رئيس وزراء العدو نفتالي بينيت الذي قال «نحن والمجتمع الدولي يجب أن نقوم بعمل عسكري ضد ايران»، وهذا التوجه يناقض تمامًا مبدأ الاستقرار.