بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2020 12:03ص «ملتقى التأثير المدني» يقارب إنجازات الإنتفاضة: ماذا بعد؟

جانب من المشاركين في «ملتقى التأثير المدني» (تصوير: محمود يوسف) جانب من المشاركين في «ملتقى التأثير المدني» (تصوير: محمود يوسف)
حجم الخط
هي مرحلة مقبلة مغايرة لما سبقها تتطلب برنامج عمل مختلف يطرح سؤال عمّا بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين أو ثورته، بعد أن تحققت إنجازات لا يستهان بها في الأيام التي مضت.

بذلك يمكن تلخيص ما جاء به لقاء «ملتقى التأثير المدني» في فندق «هيلتون» في وسط بيروت أمس. جمعت المناسبة شخصيات نخبوية متعددة المشارب تجمعها الثورة ومآلاتها، وكانت فرصة لاستعراض ما حدث حتى الآن وما يجب أن يأتي.

ماذا نريد؟

 الملتقى سبق الإنتفاضة حسب ما يشرح نائب رئيسه الدكتور منير يحيى لـ«اللواء»، وهو عقد لقاء الأمس للوقوف على واقعها ودحض كل ما يدور من هجوم واضح الأهداف عليها. هو يؤكد أن أهم ما يجب التركيز عليه يتمثل في أن ما حصل جاء عابرا للطوائف وللمذاهب كما للمناطق.


منير يحيى

 ويلفت الى أن النية هي لتحديد ما تريده الانتفاضة سياسيا وإقتصاديا، وخاصة حكومة يرضى بها الشعب ومن ثم انتخابات نيابية يتمخض عنها واقع جديد يحاكي نبض الشارع. وفي موازاة ذلك، ثمة واجب في بحث هيكلية الإنتفاضة والتنسيق بين مكوناتها كافة على طريق الخروج من حالة الركود التي دخلت فيها.

إنتخابات.. وإصلاح إقتصادي

 واستهل الدكتور سامي نادر، الذي أدار الجلسة، الكلمات والمداخلات التي كانت بالعشرات في القاعة التي غصّت بالمشاركين، موضحا أن من الأهمية بمكان شرح ماهية المرحلة السابقة ومن ثم استشراف المستقبل وتحديد الأولويات. 

 وقد مهد للقسم الثاني من الجلسة التي ستتناول الجانب الاقتصادي، وهو الشأن الذي شكل السبب الاهم لاندلاع الانتفاضة التي جاءت في بدايتها اعتراضا على الضرائب التي فرضتها الحكومة.

 ثم كانت كلمة لرئيس الملتقى إيلي جبرايل الذي شرح أن الثورة هدفت الى الوصول الى دولة مدنية شفافة تضمن العدالة والمساواة بين جميع أبنائها. وهي رفضت كل الصعوبات والمطبات ومحاولات الالتفاف عليها أو إسقاطها في دوامة العنف والصراعات الطائفية المقيتة، لافتا الى أنها شكلت حدثا فريدا في تاريخ لبنان ومركزا على العنصر الشبابي فيها. 


إيلي جبرايل 

 وشدد على خطورة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان والتي لم يعرف مثيلا لها في تاريخه، مؤكدا أهمية التركيز على السبل الممكنة للخروج منها. 

 وتبعه يحيى الذي أكد ان الثورة لم تنته بل هي ستعيد إنتاج نفسها ويجب حمايتها والتنويع في أشكال تحركها، رافضا بشدة تهمة تمويل السفارات لها لطعنها بوطنيتها.

 من جهته، نفى العميد المتقاعد خالد حمادة واقع اشتباك منظومة السلطة على أساس التوظيفات وانعدام الخدمات، بل أن هناك اصطفاف إقليمي يقف وراء كل الفشل الاقتصادي والسياسي واضمحلال العلاقات العربية للبنان وانعدام القدرة على الإصلاح.


العميد خالد حمادة

 وهاجم قبض هذه المنظومة على لبنان ما أدى الى تسيب وانحلال الدولة والفساد القطاعي الموزع بين الطوائف والكتل السياسية على خلفية علاقة جدلية بين الفساد والسلاح.

 وعدّد منجزات الثورة في إسقاط التسوية الرئاسية وتفجير الخلافات بين أركان السلطة، مؤكدا أن سلميتها هي سمة حضارية ومشددا على ضرورة إبقاء جذوة الثورة متأججة.

 على أنه من الاهمية بمكان التوقف عند قضية هامة للملتقى تتمثل في مطلب تطبيق الدستور ولا سيما المادة 95 منه، وهي قضية نادت بها مداخلات كثيرة ركزت على أهمية إلغاء الطائفية السياسية التي عاثت خرابا بلبنان.

وذاد كثيرون عن ماهية الثورة ومطلقيها، ودافع الناشط وضاح الصادق من «أنا خط أحمر»، عن المنتفضين «إذ أننا نتعلم اليوم كيف نقوم بثورة» داعيا الى توحيد المطالب. وتلاه الدكتور حارث سليمان الذي دعا الى تفكيك السلطة بعد أن نجحت الانتفاضة في إسقاطها، لكنها لم تحقق سلطة بديلة وكان يجب إسقاط الرئاسات الثلاث.

 وكان لافتا عبر المداخلات أنها لم تنف إنجازات تحققت، وهو أمر مغاير لما أعلنه المنتفضون قبلها ولا يزالون، ربما لعدم توفير فرصة للسلطة لالتقاط أنفاسها. وطالب البعض بقيادة موحدة للانتفاضة تحدد الأهداف والوسائل لتحقيقها، مثل العميد المتقاعد توفيق ملحم. وركز الدكتور انطوان صفير على ترسيخ دولة القانون متحدثا عن «السلطات الموازية» للحكم وهو يعني السلطات القضائية التي يجب أن تواجه السلطة السياسية.

 وبينما أراد نادر تخصيص ما يلزم من وقت للشق الإقتصادي، تداخل الموضوع السياسي مع هذا الشأن. لكن نائب رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، تناول نقاط ورقة إقتصادية رأى فيها الحل للأزمة الحالية عبر خطة متكاملة على المستوى المالي والنقدي، داعيا الى إعادة هيكلة الدين ومعالجة لرسملة المصارف وطالب بتأسيس صندوق للاساتقرار المالي، متناولا مساعدة صندوق النقد الدولي على هذا الصعيد.

 وتبعته مها يحيى التي حذرت من التدهور الخطير الحاصل متناولة الجانب الاجتماعي من الأزمة كما ذلك الصحي، كاشفة أن 52 في المئة من اللبنانيين هم مجردون من التغطية الصحية!

 واعتبر جان طويلة أن النظام الاقتصادي السابق الذي كان يتركز على الزبائنية والمحاصصة، قد انتهى لصالح النظام الجديد الذي سيتبلور.

 وبينما شدد محمود أبو شقرا على «العنف السلمي للثورة»، طالب يوسف مرتضى من «كلنا وطني» بجبهة معارضة على أساس رؤية سياسية محددة.

 وكان لافتا خروج الناشط الشاب كريم عطوي بكلمة انتقدت المتحدثين «الذين لا يجارون نبض الشباب ولا يتحدثون سوى لأنفسهم»، مشيرا الى أن غالبية اللبنانيين هم من الشباب.

 وتوقف سليم أديب من حزب «سبعة» عند «كوننا نهرب من النظام القديم، وعلينا التفكير ببناء نظام حديث ببناء بفعل إنساني جديد»، داعيا الى التركيز على إقامة المنتديات الفكرية بناء على القيم المشتركة.

 ويمكن استخلاص رغبة عامة من قبل المتحدثين بالتوصل الى انتخابات مبكرة، توقف عندها نادر في ختام الندوة، داعيا الى فتح باب المساهمة لمن يرغب في تقديم الافكار لمناقشتها في الملتقى على هذا الصعيد كما على الصعيد الاقتصادي والقضائي. وذلك في ظل رغبة سادت في أرجاء المتحدثين بإقرار خطة إقتصادية ومالية إنقاذية طارئة والعمل على وضع آلية قانونية وإدارية لاستعادة الاموال المنهوبة. 

 وأعلن نادر ختاما أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد لقاء شبيها بذلك الخاص بالأمس يعنى بمسألة الانتخابات.