بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 آب 2021 01:54م نقيب الأطباء يكشف كواليس أزمة الدواء والمسؤولين عنها.. و«مشهد كارثي» في أرجاء أقسام السرطان

أبو شرف لـ«اللواء»: لسحب الرخص من مخزني الدواء وسجنهم

مصدر الصورة: AFP مصدر الصورة: AFP
حجم الخط
ليس لدينا ما نقول أمام أوجاع المواطنين الذين يحاربون أمراضهم وتقاعص دولتهم في آن معًا، كل ما نستطيع فعله هو أن ننقل الواقع الحالي، لعل أحدهم يرف له جفن ويتحرك لوقف إبادتنا الجماعية.

لا يهم المريض اليوم كيفية توزيع الحقائب الوزارية، بل جل ما يهمه تأمين علاجه، أي أبسط حقوقه كإنسان، ولكن باتت كلمة «مقطوع» الأكثر تداولًا على لسان الأطباء والصيادلة. وحياة الكثيرين فعلًا مهددة بسبب تخاذل المسؤولين وانعدام ضمير المحتكرين، فكيف سيتحمّل مريض السرطان تأخير جرعاته؟ وكيف سيكمل مريض السكري يومه بلا حقنة «الانسولين»؟ وكيف يتغاضى الأهل عن لقاحات أطفالهم؟ والقائمة تطول..

هذا الواقع الإجرامي، على حد وصف نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، كان محور حديث «اللواء» معه، إذ انطلق من التأكيد على أن الأزمة لم تحل إثر المداهمات الأخيرة، مشيرًا الى أن المشكلة الأساس ليس بتغطية هذه الكميات لحاجة السوق، بل بعدم اخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين. وقال: «هناك قانون في فرنسا بحق مخزني الدواء يقضي بسحب الرخصة منهم أولًا وسجنهم، أما هنا للأسف تدخل السياسة بهكذا أمور أيضًا ولا مرجعية قضائية موثوقة تمنع ذلك».

الحلول «جزئية»
أهم ما يُسأل عن هذه الأزمة هو هل من حل قريب؟.. الحلول جزئية وقليلة، يجيب أبو شرف، الذي أكد بدوره أنه تواصل مع جميع المعنيين من رئاسة الوزراء الى مجلس الدفاع الأعلى ووزير الطاقة ووزيرة الدفاع وقيادة الجيش وغيرهم، وكلهم يجيبون بالتفاؤل بدون حلول عملية، هناك فقط تعميم من وزير الطاقة بما يخص تعبئة البنزين كأولوية للأطباء كي يصلوا لأماكن عملهم، ولكن الآلية لم تطبق بعد.

أزمة الدواء.. مسؤولية من؟
المشكلة المتشعبة لها أطراف عدة بدءا من الوكيل المستورد والشركات المصدرة، وصولًا الى مصرف لبنان ووزارة الصحة، ويعتبر شرف أن الكل مسؤول، ولكن المسؤولية الكبرى على ما تبيّن تأتي على من يتقاعص بالرقابة على الاستيراد والاستهلاك في آن معًا، مذكرًا بطلب النقابة للبطاقة الدوائية الممكننة، التي يعرف عبرها مكان الدواء ولمن يتم توزيعه، بالاضافة الى اعتماد الدعم مباشرة الى المريض.

وأضاف بما يخص مرضى السرطان كمثال: «مريض السرطان معروف بالإسم وبنوع علاجاته ومن هو الطبيب المعالج، لذا الدعم يجب أن يذهب له مباشرة لا أن يتحول الى المخزنين والمهربين، لذا نكرّر الطلب بالتشدد مع هؤلاء ومحاسبتهم وليس التعامل معهم كما يتم التعامل مع مخزني المحروقات».

هل من مساعدات خارجية؟
بما أن أجهزة الدولة لم تستطع حل ازمة الدواء المستفحلة بشكل جدي، يلجأ من لا مرجعية له الى مناشدة المجتمع الدولي، إذ يتحضر مرضى السرطان في لبنان وأهاليهم، ومعهم الجمعيات المعنية بمساعدتهم والأطباء والممرضين للتحرك أمام مبنى منظمة "الإسكوا" لإيصال معاناتهم إلى الجهات الخارجية.

من هنا، لفت أبو شرف الى أن الجمعيات المختصة في نقابة الأطباء لجأت لهذه الجهات لطلب المساعدة عن طريق وزارة الصحة، وهذا الأمر مستمر ويتم تأمين الأدوية للمستوصفات والأماكن الاستشفائية قدر الإمكان.

وكرّر التأكيد على أن قسم كبير من الأدوية موجودة، وليتفضل المسؤولون بسحبهم وتوزيعهم على من يستحقهم. مشيرًا الى أن التواصل قائم بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، ونحن قدمنا لائحة بالأدوية المطلوبة، إنما العرقلة تتم من الشركات بالاضافة الى مشكلة الاعتمادات من مصرف لبنان وتأمين الدولار.

وطالب أبو شرف بمواصلة دهم المستودعات وتوزيع الأدوية بشكل عادل وسحب الرخص من المحتكرين، بالإضافة الى ضرورة تشكيل الحكومة كأساس لأي حل جدي لهذه الأزمة.

مأساة مرضى السرطان
المشهد كارثي، بهذه الجملة وصف الطبيب المتمرن باختصاص أمراض الدم والسرطان في مستشفى اوتيل ديو الياس كرم ما يراه لحظة وصوله الى المستشفى في الفترة الأخيرة، مشيرًا الى أن مرضى السرطان، الى جانب ما يعانونه، فحالتهم النفسية تتدهور يوم بعد يوم، ونحن نعتبر أن 50% من العلاج نفسي، فكيف ستكون نفسيتهم وهم في قلق دائم بشأن مصير أدويتهم؟

وأفاد كرم أن "الوضع الحالي بدأنا نعاني منه بشدة منذ شهر، إذ أن هناك نسبة من المرضى لا يستطيعون الوصول لأخذ جرعاتهم سواء بسبب انقطاع البنزين أو بسبب عدم توفر الدواء، كون البعض منهم كان يؤمن جرعاته عبر وزارة الصحة، التي لا تستطيع بدورها تأمين كل الأدوية المطلوبة".

وعن أنواع الدواء المفقودة، أشار الى أنها تتدرج بين قديمة (الأدوية الكيماوية) وجديدة تستعمل من عام 2014، منها الأدوية الموجهة وأدوية المناعة وأدوية حبوب، وهذه الأنواع مكملة للعلاج الكيماوي، ونعاني حاليًا من تأمينها، مما يؤثر على سرعة استجابة المرضى مع العلاج بسبب عدم الانتظام بأخذ العلاجات الأخرى التي يجب أخذها قبل أي عملية في بعض أنواع السرطان.

وأضاف: «هذا الواقع للأسف يؤخر العلاج وقد يتسبب بتقليص عمر المريض كل بحسب حالته والمرحلة مرضه».

أما في ما يخص الحلول، لفت كرم الى أن الأزمة تحل عند حل أزمة الاستيراد مع شركات الأدوية، فعلى الرغم من أن بعض الأدوية سعرها أغلى من غيرها إلا أن المشكلة الأساس للمرضى هو عدم توفر هذه الأدوية وليس عدم توفر ثمنها.

وقال: «سمعنا عن حلول مرتقبة بداية أيلول إلا ان لا صورة واضحة لدينا، وإذا طالت الأزمة لا يمكن ضمان استمرارية علاج أي مريض لأن المخزون من المتوفر لا يكفي لمدة طويلة»، مؤكدًا أن ما من أدوية سرطان ضمن الأدوية المخزنة التي تمت مصادرتها مؤخرًا.