بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 كانون الثاني 2020 08:12ص أبعد من الشيطنة: ماذا ينفع الانتفاضة؟

حجم الخط
المواجهات المتصاعدة في ساحات وشوارع بيروت تجاوزت حدود «شيطنة الحراك»، إلى ما هو أخطر وأكثر إيلاماً على البلاد والعباد، حيث تقترب الاضطرابات اليومية من شفير الفوضى العارمة، التي ستقضي على البقية الباقية من آمال لدى اللبنانيين بالخروج من دوامة الأزمات المتناسلة، بالمدى القريب.

بدايات الحراك الرصينة والحكيمة والعاقلة، وما رافقها من مظاهر وتظاهرات سلمية وحضارية، وما حققته الانتفاضة من مكاسب وإنجازات في الداخل، ومن سمعة حسنة وإعجاب وتقدير في الخارج، معرّضة كلها للإجهاض والضياع، في حال تقدم مسار الفوضى والعنف على الخيارات الأساسية القائمة على العمل الديموقراطي، واستنهاض الوعي الشعبي في التصدي للفساد، والتخلص من الطبقة السياسية الفاسدة والعاجزة والتي أوصلت البلد إلى ما نعانيه حالياً من إفلاس وانهيار.

الحكومة السابقة استقالت تحت ضغط الحراك الوطني الشامل، وارتفعت على الفور أصوات المتظاهرين والمعتصمين في كل الساحات، مطالبة بتشكيل حكومة جديدة من غير السياسيين، اختصاصيين ومستقلين، بعدما أدانوا كل رموز الطبقة السياسية بالفساد ومرض المحاصصة «كلن يعني كلن». وبعد ثلاثة أشهر ونيف ولدت الحكومة الجديدة، في خضم الانهيارات اليومية التي تجتاح مختلف القطاعات الإنتاجية والمالية والمعيشية، والتي هددت نصف اللبنانيين بلقمة عيشهم، بعدما تم الحجز على أموالهم في المصارف، وعمدت المئات من المؤسسات والمصانع والفنادق إلى صرف العدد الأكبر من عمالها، والعديد منها أقفل أبوابه.

بعد ساعات من الولادة القيصرية للحكومة الجديدة، بدأت تظهر مواقف باسم الحراك توحي بعدم الرضى عن تشكيلة الحكومة الجديدة، على اعتبار أنها «حكومة اللون الواحد»، ويُديرها حزب الله وتيار جبران باسيل. وهذا يعني أن الثقة ما زالت مفقودة بين السلطة والحراك، وأن طريقة تشكيل الحكومة زادت الهوّة اتساعاً بين الطرفين!

ولكن هل ذلك يعني أن معالجة الإشكالية الراهنة بين السلطة والحراك يمكن أن تتم بعمليات الشغب والفوضى، وتدمير آخر البنى التحتية السليمة في البلد؟

ماذا ينفع الانتفاضة إذا ربحت المعركة على السلطة الفاسدة، وأصاب البلد كل هذا الخراب والتدمير للبنية التحتية، وفقدان قدرة الاقتصاد على النهوض من جديد؟

غداً: هل الحلول الممكنة مستحيلة؟