بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 شباط 2019 12:03ص أولاد في السياسة يلعبون بنار الطائفية!

حجم الخط
إذا صحّ ما تردّد أمس في بعض الأوساط السياسية، حول عدم توزيع نسخة من اتفاق الطائف لأعضاء لجنة صياغة البيان الوزاري، تكون النوايا السوداء التي تستهدف الميثاق الوطني الحالي صحيحة، وبدأت تأخذ طريقها إلى التنفيذ العملي، وهنا بيت القصيد!
لقد جرت العادة أن يُوضع أمام اللجنة الوزارية لإعداد بيان الحكومة لنيل الثقة على أساسه، ملف يضم ثلاث وثائق أساسية، وتأسيسية: نسخة من الدستور، نسخة من اتفاق الطائف، ونسخة عن آخر بيان وزاري صادر عن الحكومة السابقة.
حذف نسخة الطائف من هذا الملف، يعني بداية تجاوز هذا الاتفاق التاريخي، الذي أنهى حرباً مدمرة دامت خمسة عشر عاماً، وتحوّل إلى ميثاق وطني, لأن ما نصّ عليه من بنود ومبادئ لتنظيم العلاقات الوطنية والاجتماعية بين المكوّنات اللبنانية، حاز إجماع ممثلي الأمة، الذين كرّسوه كأول ميثاق وطني مكتوب في عهد الاستقلال.
أهمية اتفاق الطائف، الذي يحاول بعض الأطراف تشويهه، أنه أنهى مرحلة الامتيازات السياسية المارونية، وأعاد تركيب هيكلية السلطة على قواعد وأسس متوازنة طائفياً ووطنياً، وعزز الفصل بين السلطات الدستورية، ووضع قرار الدولة وإدارتها في عهدة مجلس الوزراء مجتمعاً، وليس بين يديّ رئيس مجلس الوزراء منفرداً، كما يروّج أصحاب النوايا الخبيثة.
وأثبتت التجارب أن اتفاق الطائف لم يُجرّد رئيس الجمهورية من صلاحياته، بل نزع عنه صفة التفرّد بالقرار، وخاصة حل مجلس النواب، أو إقالة الحكومة، أو تعيين رئيس الحكومة من دون العودة إلى آراء الكتل النيابية، فضلاً عن الملابسات التي كانت محيطة بتعيينات موظفي الفئة الأولى، مثل: المدّعي العام التمييزي، وقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى، وحاكم مصرف لبنان، إلى آخر المعزوفة المعروفة.
اتفاق الطائف عزّز مكانة رئيس الجمهورية كحكم بين الأطراف السياسية والحزبية المتصارعة، وأبقى له من الصلاحيات ما يستطيع أن يعطّل أية قرارات تتخذها الحكومة ولا يكون راضياً عنها، أو مؤيداً لها.
أما الخطاب السياسي الممجوج ضد الطائف ودستور الطائف، والذي أدمنه السياسيون المستغلون للعصبية الطائفية، كسباً لشعبوية تقتات من الغرائز الجاهلية المتفلتة، فهو أشبه باللعب بالنار من أولاد في السياسة لم يعايشوا أهوال نيران الحرب الأهلية... لأنهم كانوا لم يخرجوا من بطون أمهاتهم بعد، أو على الأقل كانوا أطفالاً يتلهون بألعاب الأسلحة الخشبية!.