بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 كانون الأول 2019 06:05ص أين البنك المركزي من السوق السوداء؟

حجم الخط
الرصيد الكبير الذي إكتسبه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على مدى خمسة وعشرين عاماً، في محافظته على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار والعملات الأجنبية، وتعزيز أوضاع القطاع المصرفي، بدأ يتلاشى تحت وطأة الأزمة المالية والنقدية الخانقة التي تجتاح لبنان، وتهدد اللبنانيين في لقمة عيشهم، وتطال معظم القطاعات الإنتاجية والخدماتية في البلد، بعدما ضربها الكساد والشلل، في ظل غياب المعالجات الجدية من قبل الدولة، المنهوكة أصلاً بأمراض المحاصصة والهدر والفساد.

 ويبدو أن حالة الضياع والعجز التي تهيمن على الدولة، وصلت عدواها إلى البنك المركزي، الذي يبدو وكأنه تخلى عن دوره كضابط للحركة النقدية وأسعار الصرف في الأسواق المالية، وترك الحبل على غاربه للمصارف لتقرر ما تراه مناسباً في تنفيذ قيود السحب والتحويل، في إطار ما يُعرف بـ :Capital controle، بحيث تم إعتماد نسب مختلفة للسحوبات النقدية بين مصرف وآخر، وتعمد تخفيض هذه النسب كل أسبوع تقريباً، وظهور الإشاعات الخبيثة الأسبوع المنصرم، حول إحتمال توقف المصارف عن توفير أية سحوبات بالعملة الأميركية، الأمر الذي فاقم من موجات القلق في أوساط المودعين، وضاعف خوفهم على مصير ودائعهم، التي باتت محجوزة لدى البنوك.

والأسوأ من كل ذلك، أن المركزي حدد «السعر الرسمي» لصرف الدولار مقابل الليرة بـ ١٥١٥ في المصارف، وترك المجال مفتوحاً لظهور سوق سوداء للدولار لدى الصرافين، الذين باتوا يحددون سعر الصرف بطريقة عشوائية، ودون أي رقابة، أو دور للمركزي في الحد من مناورات التلاعب الملتبس بسعر صرف الليرة، الأمر الذي عزز التكهنات بوجود خطوة خفية لتخفيض سعر الليرة مقابل الدولار، بعدما تجاوز سعر العملة الأميركية مستوى الألفي ليرة لدى الصرافين، وراجت تجارة العملات في السوق السوداء، لأول مرة في تاريخ النظام الإقتصادي اللبناني.

 إستمرار هذا الوضع الشاذ الذي يزيد الوضع المالي إرباكاً، دون أي تدخل من مصرف لبنان، يطرح أكثر من علامة إستفهام حول هذا التقصير الفادح، والغياب الفاضح، للسلطة النقدية الأولى في البلد عن القيام بمسؤولياتها في ضبط الأسواق، وتوحيد سعر صرف الليرة بين البنوك والصرافين، وإنهاء ظاهرة السوق السوداء، التي أصبحت كبريات الشركات من المستفيدين منها، على حساب لقمة عيش ذوي الدخل المحدود، الذين يكتوون بغلاء أسعار قوتهم اليومي، في دولة لا هم لحكامها سوى حماية مصالحهم السياسية والأنانية!