فرنسا ما زالت «الأم الحنون» بالنسبة لكثير من اللبنانيين، حيث يعمل العديد منهم في المهن الحرة بحرية تامة، ويتمتعون بالعضوية الكاملة في النقابات المهنية التي ينتسبون إليها، مثل نقابات الأطباء والمحامين والمهندسين، فضلا عن مؤسسات رجال الأعمال وهيئات الأساتذة الجامعيين.
ومعظم اللبنانيين في فرنسا، ينطبق عليهم لقب «المواطن الصالح»، لإلتزامهم الشديد بالقوانين العامة، وتسجيلهم أدنى مستويات الجرائم و المخالفات العامة، رغم وجود بعض الإستثناءات التي لا بد منها!
ولكن في السياسة يرجع اللبناني إلى جذوره التقليدية، وينخرط في الإنقسامات السياسية والطائفية والحزبية، وإن كان ذلك يحصل بأقل حدية مما هو جارٍ في الوطن!
ورغم تقدير لبنانيي فرنسا للدور البارز الذي يقوم به الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته السياسية والإقتصادية الراهنة،
فثمة من يرى بين اللبنانيين في باريس بأن الأداء الفرنسي من الممكن أن يكون أكثر فاعلية، لو قدر للرئيس الفرنسي أن يكون بين مستشاريه خبير أو أكثر بالوضع اللبناني المعقد.
ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن معظم مستشاري الرئيس للشؤون العربية، هم من أصول عربية مغاربية، وبعضهم حديث العهد بمتابعة أحداث وملفات بلدان المشرق العربي، بما فيه لبنان، في حين يتمتع مساعدو الرئيس من أصول عربية بخبرات وعلاقات واسعة مع بلدان المغرب العربي، والعديد من الدول الأفريقية الأخرى.
وإذا أضفنا إلى هذا الواقع ضعف التمثيل الديبلوماسي اللبناني في العاصمة الفرنسية، على عكس ما جرت عليه العادة في تاريخ العلاقات اللبنانية - الفرنسية، طوال عقود من الزمن، لأدركنا حجم التقصير اللبناني الحاصل في تفعيل علاقات لبنان مع الصديق الأوروبي، الذي يقف دائماً إلى جانب لبنان، ويقود مهمة إنقاذ العلاقات الأوروبية مع الحليف الأميركي، والتصدي للعديد من المشاكل الدولية بالتعاون مع شريكته الألمانية.
ثمة مشاورات جارية بين فعاليات الجالية اللبنانية في فرنسا لتوجيه رسالة إلى الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري، للمطالبة بمعالجة الثغرات التي تعاني منها الديبلوماسية اللبنانية في فرنسا، وإقتراح بعض الخطوات التي من شأنها تحسين الأداء اللبناني في العاصمة الأوروبية الأولى!
فهل يكون التجاوب على مستوى تطلعات اللبنانيين الفرنسيين وطموحاتهم؟