بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2020 06:14ص إزدواجية المعايير في المهل الرئاسية!

حجم الخط
«عزيزي الرئيس إن «المهلة المعقولة» لتأليف الحكومة قد مضت، وإن مبدأ حسن الإدارة يقضي بأن لا نُلحق الأذى أو الضرر بالبلاد والعباد...».

هذه الكلمات مقتطفة من رسالة مطولة وجهها الوزير السابق وكبير مستشاري رئيس الجمهورية المحامي سليم جريصاتي للرئيس المكلف سعد الحريري، على صفحات الزميلة «النهار»، يطالبه فيها بالإسراع في تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية.. «وقد دلّت التجارب بشكل قاطع أنك تستطيع أن تأتمن الرئيس في الأزمات والملمات».

لن نخوض في تفاصيل ما ورد في الرسالة، التي بدت وكأنها رسالة رئاسية للحريري، ولكن نكتفي بتلك الجملة التي حملت مدلولات تتجاوز مسألة تأليف الحكومة، إلى إشارة واضحة للجدال الدائر حول المهل، وخاصة تحديد مهلة للرئيس المكلف بتشكيل حكومته ضمن فترة محددة، أو يُعتبر حُكماً معتذراً، إذا لم يُبادر إلى تقديم اعتذاره!

الادعاء بأن «المهلة المعقولة لتأليف الحكومة قد مضت»، فيه خروج عن النص الدستوري أولا، حيث لم يُلزم الدستور الرئيس المكلف بمهلة محددة لإنجاز تأليف حكومته. وهو ثانيا كلام يُكرّس ازدواجية المعايير لدى الفريق الرئاسي، في الوقت الذي يُطالبون فيه الرئيس المكلف بوحدة المعايير!

لقد تناسى صاحب الرسالة كيف أن العديد من الحكومات تم تعطيل تأليفها لأشهر طويلة «كرمال عيون الصهر»: من حكومة الحريري الأولى بعد انتخابات ٢٠٠٩، والتي سقط فيها جبران باسيل، وكان ثمة توجه بعدم توزير الفاشلين في الانتخابات، ولكن إصرار العماد عون على توزيره عطل الولادة الحكومية بضعة أشهر. وكذلك بالنسبة لحكومة ميقاتي الثانية حيث أصر التيار الوطني على إعطاء وزارة الطاقة لباسيل، وكان له ما أراد بعد حوالى سبعة أشهر من التعطيل. والمشهد نفسه تكرر مع حكومة سلام الذي تأخرت ولادة حكومته أحد عشر شهرا وبضعة أسابيع للسبب عينه!

ولكن ماذا يمكن أن يقول المستشار الرئاسي عن تعطيل الانتخابات الرئاسية سنتين وستة أشهر، والحؤول دون اكتمال نصاب ٤٥ جلسة نيابية، إلى أن تمت التسوية التي أوصلت العماد عون إلى بعبدا، بعد انتخابه في الجلسة ٤٦؟

هل كانت «المهلة المعقولة» بالأمس تُقاس بالأشهر والسنوات في إنتخابات رئاسة الجمهورية، واليوم تقلصت معاييرها إلى أسابيع قليلة، أم أن رئاسة الحكومة أصبحت مكسر عصا في هذا العهد، ويريدون أن يتحوّل رئيس الحكومة إلى مجرد باش كاتب؟