بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 أيار 2020 07:15ص إلى أي لبنان نحن ذاهبون..؟

حجم الخط
المشاحنات والخلافات التي سادت في جلستي مجلس النواب، أمس، كشفت بالواقع الملموس حجم الانقسامات الوطنية والسياسية التي تهيمن على البلد، وتتسبّب إلى حد بعيد في تعطيل العمل التشريعي، وتزيد تعقيد الأزمات والمشاكل التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت تداعياتها في السنوات الأخيرة.

اختلاف المواقف، وتعدد المعطيات بين الأطراف السياسية، هو في صلب الممارسة الديموقراطية، وأحد أهم مقومات النظام الديموقراطي، ولكن ما يجري على الساحة اللبنانية لا يمت إلى الديموقراطية بصلة، بعدما انحدر العمل السياسي والحزبي إلى مجاهل الطائفية البغيضة، ووقعت معظم القيادات في مستنقعات العصبية الدينية والمناطقية، وأصبحت أسيرة المزايدات الغرائزية الرخيصة، من خلال طروحات شعبوية، لا تراعي أبسط المعايير الوطنية.

لقد أدّت هذه الممارسات البعيدة عن روح المسؤولية إلى تطييف كل المشاريع والقوانين التي تُطرح في مجلس الوزراء، أو في مجلس النواب، والحؤول دون تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية، وبالتالي تعطيل الإنجازات المطلوبة لخروج البلد من دوامة العجز والإفلاس التي يتخبّط فيها، وتحميل اللبنانيين المزيد من الأعباء المعيشية والاجتماعية.

قرار مجلس الوزراء بإنشاء محطتي توليد الكهرباء في دير عمار والزهراني، تم تعطيله لأنه استبعد مشروع محطة سلعاتا مؤقتاً، لعدم الحاجة الفورية له في هذه المرحلة من جهة، ولعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة لتنفيذه، حيث سرعان ما تم إصباغ اللون الطائفي على القرار الذي تم اتخاذه بأكثرية وزارية، ضمّت وزراء من مختلف الطوائف والمذاهب!

قانون العفو العام، تم تعطيله أكثر من مرة في مجلس النواب، بسبب المزايدات الطائفية المكشوفة، حيث يريد البعض أن يصدر القانون على قاعدة ٦ و٦ مكرّر، ولو بطريقة «عنزة ولو طارت»، بعد محاولة إدخال العفو عن عملاء الاحتلال الإسرائيلي الذين مضى على وجودهم في الدولة العبرية عقدين من الزمن، ونشأت الأجيال الشابة منهم في كنف نظام العدو الصهيوني!

الانقسامات الوطنية والسياسية والطائفية تتوسّع وتتزايد في وقت ترتفع فيه وتيرة الأصوات المنادية باللامركزية السياسية والفيدرالية، وتنعى صيغة الدولة اللبنانية وميثاق العيش الواحد بين اللبنانيين، عشية الاحتفال بمرور مائة عام على قيام «دولة لبنان الكبير»!

فإلى أي لبنان نحن ذاهبون؟