بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2022 08:03ص اتفاق ليس بالإمكان أحسن مما كان..!

حجم الخط
من الطبيعي أن يُثير إتفاق الترسيم للحدود البحرية الجنوبية هذا الكم من اللغط والنقاش في بيروت كما في تل أبيب، سواء في سباق الإستحقاق الرئاسي في لبنان، أو في بازار الإنتخابات النيابية في إسرائيل.
ومثل معظم الإتفاقات المشابهة، من الصعب القول أن ما حققته الوساطة الأميركية في التوصل إلى الصياغة النهائية المعلنة، تجعل من الإتفاق مثالياً لأي من الجانبين، ولا هو يحقق كامل المطالب لأي فريق، ولا يراعي كل المصالح لأحد الفريقين.
الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين كشف في حديثه لقناة «LBCI» الآلية التي إتبعها للخروج من دوامة المطالب والشروط المتبادلة إبان المفاوضات غير المباشرة، حيث إعتمد على تحديد المطالب الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه التركيز على الحاجات اللبنانية، فكان أن توصل إلى هذه الصيغة التي توفر الأمن والإستقرار وحرية الإنتاج للجانب الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه تؤمن للبنان ما يحتاج إليه من غاز لمحطاته الكهربائية والتخلص من العتمة الراهنة، إلى جانب إتاحة الفرص المناسبة لتدفق الإستثمارات الخارجية إلى البلد الذي يُعاني من أزمات مالية خانقة.
ويعتبر هوكشتاين، بغض النظر عن الإنتقادات وحملات التشكيك المتزايدة في بيروت وتل أبيب، أن كلا البلدين خرج رابحاً، على عكس القواعد التي أُعتمدت سابقاً من أسلافه، والتي وقعت في فخ التمايز بين رابح وخاسر، مما أدى إلى فشل المفاوضات المتقطعة منذ عام ٢٠١٠.
الواقع أن الوصف الأنسب لإتفاق الترسيم يبقى «ليس بالإمكان أفضل مما كان»، لأن لا لبنان كان قادراً على الدفاع عن الخط ٢٩ دون تجنب مخاطر حرب جديدة مع العدو الإسرائيلي، ولا تل أبيب كانت بوارد التمسك بحقل قانا دون توقع خوض معركة باهظة الثمن، بشرياً وعسكرياً مع الجانب اللبناني.
المهم أن يتعامل أهل الحكم مع هذا الملف الحساس بشفافية مطلقة، بحيث يتم عرضه على الحكومة، ويصل إلى مجلس النواب، ويكون بإمكان اللبنانيين الإطلاع عليه عبر وسائل الإعلام، لأن نتائجه تتجاوز تعقيدات المرحلة الصعبة الراهنة، وتعني مستقبل الأجيال القادمة، التي تمنى لها الرئيس عون حياةً أفضل من واقع جهنم الذي نتخبط فيه منذ سنوات!