بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تشرين الأول 2019 12:01ص الأزمة تتطلب تبصُّراً لا تنمُّراً على الإعلام..!

حجم الخط
إستمرار الإنتفاضة الشعبية العارمة لليوم السادس بهذا الزخم الجماهيري في مختلف المناطق اللبنانية، كشف مدى الهوة الواسعة بين الناس والسلطة المرتبكة بمواجهة ثورة غضب وحّدت اللبنانيين في موقف تاريخي، لا يحصل إلا في المفاصل الأساسية من تاريخ دولة الإستقلال.

 فشل السلطة ظهر أولاً في فترة الصمت والضياع التي دامت في أول ٧٢ ساعة من إندلاع الإنتفاضة، حيث غرق أطراف الحكم بصمت مريب، بحجة درس مشروع الورقة الإقتصادية. ثم تجلّى عجز السلطة في التعامل مع مطالب الناس المحقة، في قرارات مجلس الوزراء الأخير، والتي جاءت باهتة ومتأخرة عن مواكبة التطورات المتسارعة على الأرض، مما أدّى إلى رفضها الفوري من جموع المعتصمين في الساحات الملتهبة بالغضب ضد الطبقة السياسية الفاسدة، ورموز النهب والصفقات في السلطة.

 ولا يكتفي أهل السلطة بتجاهل مطالب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات ليرفعوا الصوت عالياً ضد ممارسات تفقير طبقة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود، بل يستعدون بالذهاب أبعد من ذلك من خلال التلويح بتدابير قمعية للحريات الإعلامية، بهدف ترهيب وسائل الإعلام ومنعها من المواكبة المفتوحة والمستمرة لتحركات الشباب والمعتصمين في الساحات والشوارع في مختلف المناطق المشتعلة بغضب الناس على أهل الحكم.

 يبدو أن سياسة دفن الرؤوس في الرمال الساخنة مستمرة في أوساط أهل الحكم، حيث يتم تحميل الإعلام مسؤولية إندلاع الإنتفاضة، وتصاعدها يوماً بعد يوم، متجاوزة الإنقسامات السياسية والطائفية والمناطقية، بدل العمل جدياً على إستيعاب مطالب جماهير الإنتفاضة المحقة والعادلة، وطرح الخطط العملية لإخراج البلاد والعباد من دوامة الأزمات الإقتصادية والمعيشية والمالية، والتي أوصلت البلد إلى الإفلاس، ورفعت معدلات العوز والفقر في صفوف اللبنانيين إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ لبنان.

 معالجة الأزمة المتفاقمة تتطلب تبصُّراً وحكمة وبُعد نظر، بعيداً عن الرؤوس الحامية، وأساليب العناد والتنمُّر والتكبُّر على الناس الغلابى الذين خرجوا إلى الساحات لإعلان الحرب على السلطة الفاسدة، وأزلامها الفاسدين.