نام اللبنانيون مساء الخميس على أمل ولادة الحكومة قبل نهاية الأسبوع، إستناداً إلى كلام رئيس الجمهورية بأن إعلان الحكومة الجديدة أصبح على قاب قوسين أو أدنى .
وأجمعت كل المعلومات المسربة من مختلف الأوساط الحزبية في تلك الليلة، على أن تسويات الربع ساعة الأخيرة قد فككت كل العقد المتبقية التي كانت تعترض إنهاء مشوار التأليف المتعثر، وخاصة فيما يتعلق بحقيبتي العدل والأشغال، حيث تم إبلاغ القوات اللبنانية بموافقة رئيس الجمهورية على تولي القوات لوزارة العدل، وطرح إسم الوزير السابق إبراهيم نجار لها، كما تم إبلاغ الرئيس المكلف بموافقة التيار الوطني الحر على أن تكون وزارة الأشغال لتيار المردة!
ولكن يبدو أن كلام الليل يمحوه النهار عند بعض الأطراف السياسية!
وكانت المفاجأة الصادمة، ما نقله الوزير جبران باسيل إبان زيارته إلى بيت الوسط أمس حول أن تغييراً طرأ على موقف الرئيس عون الذي عاد و قرر الإحتفاظ بالعدلية، وعدم إعطائها للقوات، فضلاً عن أن إبقاء الأشغال مع المردة مشروط بتغيير الوزير يوسف فنيانيوس! ومثل هذه التطورات غير المنتظرة، كانت كافية لتبديد أجواء التفاؤل التي سادت مساء الخميس الماضي، وإعادة مفاوضات التأليف إلى نقطة الصفر!
الواقع أن التقلبات الدراماتيكية في مواقف فريق رئيس الجمهورية عشية إعلان التشكيلة الحكومية، تتجاوز حدود المناورات المعتادة في تحسين المواقع في اللحظة الأخيرة، لتطرح جملة من التكهنات والتحليلات حول أبعاد هذا التحول المباغت، يصل بعضها إلى حد إعتباره بمثابة إنقلاب، ليس على التكليف وحسب، بل وأيضاً على التسوية السياسية بكاملها، التي أنهت الفراغ الرئاسي، وأوصلت العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا.
وبدا واضحاً أن ثمة عوامل داخلية وإقليمية تحاول الإستفادة من الضجة الحالية حول قضية جمال خاشقجي، وما تتعرض له السعودية من حملات وضغوط، لتحجيم حلفاء المملكة. خاصة تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وإحراجهم، وصولاً لإخراجهم من الحكومة بالكامل، رغم كل ما تنطوي عليه مثل هذه المغامرة السياسية، من مخاطر على الإستقرار الداخلي، ورغم كل ما قد تسببه من تداعيات سلبية، ليس بالنسبة لمساعدات مؤتمر سيدر وحسب، بل وأيضاً على صعيد زيادة العزلة اللبنانية عن المجتمع الدولي.
فهل بمثل هذه السياسات الكيدية، يتم الإستعداد لمواجهة موجة العقوبات القادمة على البلد؟