بورصة تأليف الحكومة المتراقصة صعوداً وهبوطاً، تعكس حالة العجز التي تحيط بالطبقة السياسية، وتؤكد واقع الهريان المستشري في مفاصل الدولة، مما يُفسح في المجال أمام بعض القوى السياسية لامتطاء موجة الشعارات الشعبوية، وارتداء ثوب «البطل القوي»، ليستقوي على حلفائه قبل خصومه، ويحاول التفرّد بالقرار السياسي، بعيداً عن مبادئ المشاركة والميثاقية، والقواعد التوافقية!
يرفعون شعار «تشكيل حكومة وحدة وطنية»، وفي المجريات اليومية للمشاورات الناشطة بين الأطراف السياسية، يتبين، وبكل وضوح، أن جماعة السلطة الممسكين بالقرار السياسي، مثل التيار الوطني الحر، يحاولون تركيب حكومة يتمتعون فيها بأكثرية تتجاوز النصف زائداً واحداً، وصولاً إلى الاستحواذ على الثلثين! مما يعني تفريغ «حكومة الوحدة الوطنية» من أي مضمون وطني، وميثاقي، وحتى ائتلافي، وبالتالي إسقاط كل معاني وأهداف الائتلاف الوطني بين الأطراف السياسية!
يرددون خطابات التحالفات ليل نهار، خاصة بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، بينما العُقد التي تؤخر ولادة الحكومة، مصدرها التنافس الحاصل بين الحليفين اللدودين، والمحاولات المكشوفة لتحجيم القوات، لدرجة إمكانية إقصائها عن التشكيلة الحكومية، بحجة الحاجة لها في المعارضة البرلمانية... كذا!! ولم يعد خافياً على أحد أن المسألة تجاوزت التناتش على الحصص الوزارية، وأن معركة الإلغاء تدور منذ اليوم حول الاستحقاق الرئاسي المقبل، وكأن انتخابات الرئاسة الأولى واقعة غداً!
«طَوَشوا» الناس بشعار أن «الأقوى في طائفته هو مَن يُمثلها في السلطة»، وعندما وصل الأمر إلى «اللقاء الديموقراطي»، انقلبت القاعدة، وأصبح لا يحق لجنبلاط «احتكار» التمثيل الدرزي، رغم استحواذه على ٧ مقاعد نيابية من أصل ثمانية، علماً أنه هو مَن ترك في الانتخابات المقعد الثامن شاغراً للمير طلال أرسلان!
كيف الخروج من دوّامة العجز والاهتراء، وما يزيدها تعقيداً من سجالات وتناوشات بين حلفاء الأمس، ومتخاصمي اليوم؟