بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الأول 2022 08:03ص «التهريبة» كشفت خفة المغامرة السويسرية..!

حجم الخط
لم يكن ينقص الوضع اللبناني غير «تهريبة» الحوار السويسري المفاجئ، في غمرة إنشغال البلاد والعباد بالأزمة السياسية الخانقة، عشية إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، واللغط الدائر حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، والعجز عن تشكيل أو تعويم الحكومة المستقيلة حتى الآن.
الدعوة السويسرية للحوار بين بعض الأطراف السياسية لم تكن موفقة لا شكلاً ولا مضموناً، ولا حتى توقيتاً، بل طرحت أكثر من علامة إستفهام حول الأهداف الحقيقية لعملية التسلل، التي حاولت السفيرة السويسرية إبقاءها بعيدة عن أضواء الإعلام، وكأن وراء الأكمة ما ورائها.
كما أظهرت هذه المحاولة المشبوهة الجهل السويسري الكامل لطبيعة التركيبة اللبنانية من جهة، وسوء تقييم الواقع الراهن في لبنان، والذي لا يساعد على إطلاق أي مبادرة حوارية.
كيف يمكن ضمان نجاح طاولة الحوار بين الأحزاب اللبنانية والقوى السياسية التي وصلت الخصومات بينها إلى حد القطيعة الشخصية الكاملة بين قياداتها، وغياب أبسط النوايا الحوارية بين أطرافها، وهو الأمر الذي لم يحصل مثيلٌ له حتى في سنوات الحرب السوداء،حيث بقيت خطوط التواصل مستمرة بين الزعماء السياسيين على طرفي جبهتي الإنقسام، في محاولات مستمرة لتدوير زوايا الخلافات، وتبادل الأفكار حول الحلول الممكنة لإنقاذ البلد من مهاوي العنف التي سقط فيها.
وتجلت خفة المغامرة السويسرية في نقطتين رئيسيَّتين:
الأولى: في إختصار الدعوة على عدد محدود من الأطراف الحزبية والسياسية، وتجاهل بقية القوى السياسية والكتل البرلمانية، رغم حجمها التمثيلي الواسع من مختلف الطوائف، وفي جميع المناطق اللبنانية.
الثانية: القفز من مظلة إتفاق الطائف نحو المجهول، في وقت بلغت فيه الإنقسامات السياسية أوجّها في البلد، فضلاً عن حالة الإهتراء التي أصابت مفاصل الدولة، وضعف السلطة المركزية، مما يهدد وقوع لبنان في فراغ كامل، أين منه الشغور الرئاسي، وتداعياته السياسية والدستورية، في ظل الأزمات المتراكمة التي يرزح تحت وطأتها لبنان.
كان من الطبيعي أن يتراجع الجانب السويسري عن هذه المحاولة الملغومة، تحت ضغط الرفض السياسي والشعبي لمثل هذه المغامرات، التي سبق لمثيلاتها أن جرّت الويلات على البلاد والعباد، وما قابلها من إصرار وتمسك لبناني بإتفاق الطائف، الذي أنهي الحرب المدمرة، وأعاد السلام والأمن لوطن الأرز، ووفّر الإستقرار طوال الفترة التي سبقت مرحلة السقوط في مهاوي جهنم والإفلاس في السنوات الثلاث الأخيرة.