غياب لبنان عن مواكبة مونديال قطر تلفزيونياً، ليس الفضيحة الأولى للمنظومة الحاكمة الفاشلة، وقطعاً لن تكون الأخيرة، في ظل هذا التلاشي المتزايد لسلطة الدولة، وإنعكاساته السلبية في حالات الشلل التي تضرب معظم مفاصل الوزارات والإدارات العامة.
لقد نجح أصحاب المطاعم والمقاهي، ومالكو شبكات الكابلات التلفزيونية، حيث تقاعست الدولة وفشلت، وإستطاعوا تأمين التغطيات اليومية للمباريات العالمية بأكلاف معقولة، وتلبية متطلبات زبائنهم وتنشيط الحركة السياحية في موسم المونديال، على غرار ما يحصل في بلدان العالم، المتحضر منها، والأكثر تخلفاً.
والفشل المعيب في ملف المونديال يتكرر في قطاعات أخرى، وبعضها أكثر حيوية وأهمية، لا سيما الأزمة المتفاقمة في الكهرباء، حيث أصبحت القاعدة إستمرار العتمة على مدار الساعة، والإستثناء تأمين ساعة واحدة للتيار الكهربائي في مناطق معينة فقط، وعندما تتوفر الإمكانيات من إنتاج المعامل الكهرومائية التي أكل عليها الدهر وشرب.
وثمة أزمة جديدة بدأت تطفو على السطح، بعد محاولات إخفائها في الأشهر الأخيرة، وذلك عبر إشتداد أزمة السيولة النقدية في خزينة الدولة ولدى البنك المركزي،وما ستجر من مشاكل إجتماعية ومعيشية، نتيجة التأخر الحتمي في دفع رواتب الموظفين، العاملين والمتقاعدين، فضلاً عن العجز على تسديد مستحقات ضرورية أخرى.
مسلسل الأزمات والإنهيارات سيستمر طالما بقيت المعالجات الجدية غائبة في مواقع القرار، في مرحلة الشغور الرئاسي وحكومة تصريف أعمال، هي في الواقع في غيبوبة سياسية متعمدة، بعدما أصر التيار العوني على معارضة عقد مجلس وزراء طارئ لبت الأمور الإستثنائية، والتي تحتاج إلى قرارات حكومية، لتخفيف أعباء هذه الأيام السوداء على الشعب المنكوب بحكامه، والذي أصبح مهدداً بلقمة عيشه.