بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 كانون الثاني 2021 06:45ص الديموقراطية الأميركية والقرارات الطائشة...

حجم الخط
الولايات المتحدة الأميركية بعد السادس من كانون الثاني، لن تكون مثل ما كانت قبل هذا التاريخ، لأن الحدث الصدمة في اقتحام مبنى الكونغرس من قبل أنصار الرئيس ترامب أسقط تاريخاً طويلاً من المسيرة الديموقراطية، لطالما كانت موضع فخر حكام الأمبراطورية العالمية!

لم تعد واشنطن قادرة على «تعليم» شعوب العالم دروس الديموقراطية والحرية، والانتخابات الشعبية، لأن الديموقراطية طُعنت أمس في الهجمة الترامبية على مبنى الكابيتول، وأظهرت الناخب الأميركي أشبه بناخبي بلدان العالم الثالث، والرئيس المنتهية ولايته كأنه ديكتاتور في بلاد الماو ماو، وتحوّل نواب الدولة الأقوى في العالم إلى جماعات من طرائد الصيد للغوغائيين، وبدا المشهد في محيط مبنى الكونغرس وكأن ثمة انقلاب على نتائج الانتخابات الرئاسية، وقطع الطريق على عملية انتقال السلطة في العشرين من الجاري.

آثار الحركة الترامبية الفاشلة لن تقتصر على الداخل الأميركي فقط، بل ستصل ارتداداتها السياسية وغير السياسية إلى كثير من المناطق الأخرى في العالم، لا سيما منطقة الشرق الأوسط، التي عاشت بعض بلدانها هاجس مغامرة عسكرية ترامبية في الفترة المتبقية من ولايته، لأن الرئيس الأميركي أصبح معزولاً في وسط سلطته المتهاوية، والقرار العسكري في البنتاغون يكاد يكون خارج نفوذه، ودعوات الديموقراطيين في الكونغرس لعزله، من شأنها أن تتحوّل إلى سيف مسلط على قراراته، بما يمنعه من القيام بأي خطوة طائشة في الخارج قبل خروجه من البيت الأبيض.

ليس من السهل على النظام السياسي في أميركا محو وصمة العار عن جبين الديموقراطية الأميركية، التي كانت حتى الأمس القريب المثل والمثال في العالم، ولكن إشكالات الانتخابات الرئاسية، وإصرار ترامب على إنكار النتائج، والادعاء بحصول تزوير في أكثر من ولاية، وسرقة نتائج الانتخابات، هوى بسمعة الديموقراطية الأميركية ومكانتها العالمية.

ما حدث يوم السادس في واشنطن عزز أصحاب وجهات النظر بأن التجربة الأميركية اقتربت من النهاية، وما يطفو على سطح الأحداث اليومية من كراهية طبقية، وأحقاد عنصرية، يؤشر إلى التصدعات التي تهز المجتمع الأميركي، وتهدد هذا النموذج الذي استطاع في فترة قياسية زمنية، أن يتحول إلى أمبراطورية تتحكم بمصائر الأمم في القارات الخمس.

قد يكون من الممكن ترميم صورة الديموقراطية في أميركا، ولكن يبقى من الصعوبة بمكان إعادة عقارب الساعة الأميركية إلى الوراء!