بيروت - لبنان

15 تموز 2019 12:00ص السلطان والجارية والحُكّام الجهلة..!

حجم الخط
يوماً بعد يوم يزداد اللبنانيون قناعة بأن بلاء البلد الحقيقي سببه هذه الطبقة السياسية الفاسدة والعاجزة، والجاهلة لأبسط قواعد الحكم الرشيد، في بلد أحوج ما يكون إلى توفر الحكمة والتبصّر ونفاذ الرؤية عند أهل السلطة.

تردّي الأحوال الاقتصادية والمالية، اهتزازات الوضع الأمني المتنقلة، التخبّط المستمر في الإدارات العامة، تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي في الاستحقاقات الداهمة، كلها مؤشرات على مدى تراجع مستوى القيادات الراهنة، بالمقارنة مع ما عرفه البلد في عهد رجال الاستقلال، وتكاد أوضاعنا تشبه إلى حد بعيد، ما نقرأه من روايات عن حكّام أيام زمان التي يختلط فيها الواقع بعبر الحياة.

يُروى أن أحد السلاطين سمع عن جارية يساوي ثمنها مئة جارية. فطلب من وزيره إحضارها له، ليعرف أسباب تميّزها عن مثيلاتها. فوقفت أمامه بكل ثقة بالنفس بلا تهيّب أو ارتباك، كما يحصل مع الجاريات عادة.

سألها السلطان: لماذا سعرك مثل مئة ضعف من أمثالك؟ أجابت على الفور: لأني أكثر ذكاءً من زميلاتي! فوجئ السلطان بجوابها الجريء، وقال لها: سأسألك، إذا أجبتي صواباً ستكوني حرة، وإذا أخطأت كان مصيرك الهلاك!

ما هو أجمل ثوب؟ وأطيب ريح؟ وأشهى طعام؟ وأنعم فراش؟ وأجمل بلد؟

التفتت الجارية إلى الوزير وقالت له قبل أن تُجيب: أحضروا لي فرساً فأنا مغادرة القصر وسأكون حرة. ثم توجهت إلى السلطان وأجابت: أجمل ثوب هو ثوب الفقير الوحيد الذي لا يملك غيره، ويراه مناسباً للصيف والشتاء.  أما أطيب ريح فهي رائحة الأم، حتى لو كانت نافخة النار في حمام السوق. وأنعم فراش هو الذي تنام عليه وبالك مرتاح، فلو كنت مديناً أو ظالماً لرأيت فراش الذهب شوكاً من تحتك. وأشهى طعام ما كان على جوع، فالجائع يرى الخبز اليابس لذيذاً. وهمّت بالخروج من القاعة، فصرخ فيها السلطان: لم تجيبي على سؤالي الأخير، فالتفتت وأجابت بسرعة، وكأنها تحاول الهروب من صدمة الجواب على السلطان: أجمل بلد هو الوطن الحر الذي لا يحكمه الجهلة!

فماذا بقي من جمال هذا الوطن الحبيب وشعبه المعذب؟