بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 كانون الأول 2018 11:46م الشعبوية الأوروبية تهزّ العالم...!

حجم الخط
أن تستقيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من رئاسة الحزب المسيحي الديموقراطي، ورئاسة الحكومة الألمانية، إثر خسارتها الانتخابات في أهم ولايتين، فهو أمر طبيعي في بلد يتمسّك السياسيون فيه بالأصول الديموقراطية، ويجيدون قراءة أي خسارة في الانتخابات ويعرفون جيداً متى ينسحبون من المسرح السياسي. 
ولكن الخطاب الوداعي الذي ألقته ميركل، تضمن من المواقف والأبعاد ما هو أهم من الاستقالة بحد ذاتها، حيث حذرت من الموجات الشعبوية المتطرفة والمتصاعدة في أكثر من بلد أوروبي، وقرعت ناقوس الخطر من نمو ظاهرة المشاعر النازية في المانيا، والتي بدأت تأخذ التنظيمات الشبابية إطاراً لها، فضلاً عن خيبة أملها من سلوك النازحين الذين تحملت وزر استقبالهم، ولكنهم لم يراعوا ظروف البيئة الألمانية وتقاليدها!
«لقد صار من شبه المستحيل الاستمرار في منصب المستشارية، تقول ميركل، في ظل هذا الحصار الداخلي والخارجي الخانق.  ففي الخارج تعاني الديموقراطيات الأوروبية من تهديد الشعبوية الروسية التي لا تكن أي احترام للمعايير السياسية والديموقراطية، فيما تمارس عليها الشعبوية الحاكمة الأخرى في واشنطن، ابتزازاً بعد الآخر.  لقد تحوّل جيران لنا في النمسا وإيطاليا، وهم أعضاء في اتحادنا الأوروبي، إلي أحصنة طروادة للشعبويتين المذكورتين».
«أما في الداخل، تتابع ميركل، فإن القوى العنصرية والمتطرّفة تقوى بإيقاع يومي، وهي لا تقتصر على حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وتنظيمات «نيو نازية» صغرى، بل تحرز مواقع متعاظمة داخل حزبنا وائتلافنا الحزبي، وهذا يعني أننا لم نتعلم كفاية من تجربتنا المريرة مع النازية والحرب. فالاستعداد لرفض الآخر لا يزال خصباً جداً، ما يشير إلى عطل عميق لم تتمكن حياتنا الديموقراطية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من تذليله».
 وتعترف ميركل بكل جرأة وموضوعية بتعثر تجربة استيعاب اللاجئين الجدد، وتقول أنه «كان بوسعهم أن يساعدوا أكثر كي نتمكن من مساعدتهم، وهنا لا أستطيع إلا أن أسجّل ظاهرات بالغة السلبية، لم تستطع غالبية الألمان أن تهضمها، كالممارسة الدينية المتخلفة في الحيّز العام، في بلد هو مهد الإصلاح الديني، وطريقة التعاطي البالغة الذكورية مع المرأة، فضلاً عن تعلق فئات عريضة ممن عرفوا الحياة الديموقراطية لعشرات السنين بزعامات شعبوية كأردوغان، ورغبتها في ممارسة هذه العاطفة في المجال العام!». 
فهل مَن يسمع عن عاصفة الشعبوية التي تهز العالم، وساحتها الحالية فرنسا، وما يمكن أن تؤدي تداعياتها على أوضاع منطقتنا؟