بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 نيسان 2020 09:09ص الصيغة والنظام في خطر داهم..

حجم الخط
صرخات الغضب والقهر التي تهز الشوارع، لا تعني أصحابها فقط، بقدر ما تُعبر عن واقع ٩٨ بالمئة من اللبنانيين، الذين خسر معظمهم وظيفته أو عمله، وأقفل بعضهم مؤسسته أو محله المتواضع، فيما الجميع يعانون من الإرتفاع الجنوني في الأسعار، ولا يستطيعون تأمين حاجياتهم لأن أموالهم محتجزة في المصارف.

 لن تكون حراكاً هذه المرة، ولا مجرد إنتفاضة سلمية وحضارية، كما كان عليه الحال في إنتفاضة ١٧ تشرين، بل هي هذه المرة ثورة، بكل ما تعنيه كلمة ثورة، من عنف مُتفجّر، وصدامات دموية، وفوضى أمنية، وإشتباكات سياسية وحزبية، تُعيد إلى ذاكرة اللبنانيين المخضرمين مشاهد الحرب الأهلية البغيضة، التي استمرت خمس عشرة سنة، وأحرقت الأخضر واليابس، ومازالت بصماتها السوداء تشوه جسد الوطن المنكوب في أكثر من منطقة.

 ورغم مضي أكثر من ستة أشهر على إندلاع إنتفاضة تشرين، فإن أهل الحكم مازالوا يحاولون القفز فوق الأمر الواقع، رغم كل مراراته ومخاطره، والتصرف وكأن البلد قادر على الصمود بمواجهة سلسلة الإنهيارات المتلاحقة، والتي تزداد تداعياتها يوماً بعد يوم، وتهدد مصير الآلاف من العائلات اللبنانية التي هوت معيشتها إلى تحت خط الفقر .

 هذا العجز الفاضح والمتمادي من قبل السلطة في خوض معترك الإصلاح الحقيقي، والولوج إلى الإصلاحات الضرورية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مرافق الدولة وقواعدها، قبل السقوط الأخير في مهاوي الإفلاس والإضمحلال، سيفتح الأبواب أمام أسوأ الإحتمالات، ويضع لبنان، بتركيبته الوطنية، ونظامه السياسي، أمام سيناريوهات سوداء، مصيرية ووجودية، قد تُطيح بالأسس التي قامت عليها دولة لبنان الكبير قبل مئة عام!

لبنان، الصيغة والنظام في خطر داهم..، فهل من مُنقذ قبل فوات الأوان؟