بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الأول 2022 12:15ص الصين في الرياض: خريطة تحالفات جديدة

حجم الخط
أنظار اللبنانيين إبتعدت عن مسرحية الجلسة التاسعة للإنتخابات الرئاسية، بعدما فقدوا الأمل من إمكانية خروج الدخان الأبيض في إنتخاب رئيس الجمهورية، قبل وصول الوحي من الخارج.
الإهتمام اللبناني ينصب هذه الأيام على متابعة ما يجري في القمم المنعقدة في الرياض مع الرئيس الصيني، سواء القمة الثنائية، أو الصينية ــ الخليجية، أو حتى العربية ــ الصينية، غير المسبوقة في مسار العلاقات العربية مع المارد الأصفر.
الزيارة الرئاسية الصينية للسعودية تشكل علامة فارقة على خريطة العلاقات الدولية عامة، والعلاقات العربية عامة، وسيكون لها إنعكاسات وردود فعل مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، التي كانت حتى الأمس القريب الشريك الأمامي للدول العربية، وخاصة في قطاعات الأمن والنفط والتجارة.
لقد أصبح واضحاً أن القيادة السعودية تتخذ سلسلة خطوات شجاعة، لتحقيق التوازن المنشود في العلاقات السعودية مع دول العالم، في إطار رؤية ٢٠٣٠ التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويقود من خلالها النهضة العملاقة، وقوامها الإنماء والتحديث والتطوير، وتوسيع دوائر العلاقات الخارجية مع الدول الفاعلة.
إثر إندلاع الحرب الأوكرانية وإرتفاع أسعار النفط، تقاطر إلى المملكة العديد من الرؤساء والمسؤولين الأوروبيين للبحث مع الأمير محمد بن سلمان في مسألة زيادة إنتاج النفط، والعمل على تخفيض أسعار المشتقات النفطية والغاز، للحد من التضخم الذي يطرق أبواب الإقتصادات الأوروبية والأميركية. من رئيس الحكومة البريطانية السابق بوريس جونسون، إلى وزيري خارجية اميركا وألمانيا، إلى الرئيس الفرنسي ماكرون.
وعندما أيقن الرئيس الأميركي جو بايدن أن كل تلك المحاولات لم تزحزح موقف ولي العهد السعودي، قرر المجيء شخصياً إلى الرياض. وكانت القمة السعودية ــ الأميركية، وعلى أثرها القمة الخليجية ــ الأميركية، التي طُرحت فيهما ملفات المنطقة الساخنة، وتمت خلالها تفاهمات لمصلحة التهدئة، في البؤر المضطربة في الإقليم، وكبح الجماح الإيراني.
نفذت السعودية والدول الخليجية تعهداتها في زيادة ضخ كميات النفط والغاز، ولكن الجانب الأميركي إتبع سياسة التسويف والمماطلة، ولم يُنفذ ما تعهد به في قمة الرياض، فكان رد الدول النفطية بتخفيض الإنتاج اليومي، حفاظاً على التوازنات بين عمليات العرض والطلب، وعدم تعريض إقتصاديات الدول المنتجة للإهتزاز.
زيارة الرئيس الصيني أكدت حرص الرياض على تطوير التعاون مع بكين، التي تعتبر المستورد الرئيسي للنفط السعودي، فيما الشركات الصينية فازت بعقود ضخمة لتنفيذ مشاريع عملاقة في أكثر من منطقة في المملكة، لا سيما في منطقة نيوم على البحر الأحمر، كما بدأ التعاون المشترك في المجالات العسكرية، تجهيزاً وتصنيعاً وتجميعاً.
القمم السعودية والخليجية والعربية مع الصين، ليست مجرد إجتماعات سياسية أو ديبلوماسية، بقدر ما هي إتفاقات إستراتيجية ستُغيّر خريطة التحالفات في المنطقة.