بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تشرين الثاني 2022 08:02ص العودة إلى تجربة ودروس الاستقلال

حجم الخط
يحل يوم الإستقلال والوطن أبعد ما يكون قادراً على الاحتفال ببهجة أهم الأعياد الوطنية في تاريخ لبنان المعاصر. لا إستعراض عسكريا يشحذ الهمم ويؤجج العنفوان. لا حضور رسميا للرؤساء يُذّكر الناس بوجود دولة ورئيس للجمهورية. لا جمهور يصطف على جانبي طريق الإستعراض والأيادي تلوح لأصحاب الجبهات المهيبة، وتصفق للأعلام المرفرفة، مجسدة التلاحم بين الشعب والجيش.
ولكن كل هذه الغيوم الداكنة التي تهيمن على أجواء البلد، لم تستطع أن تخطف وهج الإستقلال ومكانته في نفوس اللبنانيين، الذين يتمسكون بإستقلال الوطن وسيادة الدولة بأسنانهم، ويبذلون التضحيات، وتتوالى قوافل الشهداء دفاعاً عن السيادة والحرية والإستقلال.
وما زالت معركة الإستقلال تشكل نموذجاً لأهمية الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، ولضرورة نبذ كل عوامل التفرقة والتباعد والخلافات، خاصة في المواقف المصيرية والأساسية التي تُحاكي تحربة الإستقلال.
ولعل قليلا من أجيال اليوم يدركون أنه لولا توحد اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، لما تحقق الإستقلال الناجز للوطن، ولكانت نجحت التدابير التعسفية التي إتخذها المفوض السامي الفرنسي ضد أبطال الإستقلال وسجنهم في قلعة راشيا، في إجهاض المسيرة الوطنية الكبرى، وإبطال مفعول قرارات مجلس النواب في إقرار المواد الدستورية التي كرست إستقلالية الدولة الوليدة عن سلطة الانتداب الفرنسي.
لقد خرج المسلمون والمسيحيون في تظاهرات وطنية حاشدة بمواجهة «الجنود السنغال» التابعين للجيش الفرنسي، مطالبين بالإفراج عن بطلي الإستقلال رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح ورفاقهما الوزراء، مؤكدين رفضهم بقاء الوطن تحت رحمة المستعمر الفرنسي.
ما كانت روابط الوحدة الوطنية لتتجلّى بأبهى صورها في ذلك اليوم التاريخي، لولا نجاح الثنائي بشارة الخوري ورياض الصلح في توحيد جناحي لبنان تحت العلم الوطني، وتخلي المسيحيين عن الحماية الفرنسية، وتراجع المسلمين عن مطالبتهم بالاتحاد مع سوريا.
دروس وعبر معركة الإستقلال ما زالت صالحة في زمن الإنهيارات والإنقسامات المزمنة، وخلاصتها أن لبنان يكون بخير وفي حالات مميزة من الإستقرار والإزدهار عندما يتوحد اللبنانيون حول مصالح بلدهم أولاً. ويفقد وطن الأرز إستقراره وإزدهاره، ويتهدد إستقلاله، كلما فرّط اللبنانيون بقواعد الوحدة الوطنية، وسادت الصراعات والإنقسامات الطائفية والفئوية والتدخلات الخارجية على حساب الحفاظ على مصالح البلد العليا.
فهل مَن يعود إلى دروس الإستقلال في يوم الإستقلال؟!