بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيار 2022 07:08ص الفصح والفطر والانتخابات

حجم الخط
بعد غياب فرضَته عطلة الأعياد المباركة، عودة إلى الكتابة والتواصل مع القراء من جديد، وهي بحق عودة إلى الروح وولادة جديدة.
زمن الأعياد بدأ مع عيد الفصح المجيد أي عيد القيامة وهي ترجمة للكلمة اليونانية  «أناستاسيس» التي تعني القيام أو النهوض ثانيةً. والقيامة في الفصح تعكس ثقافة الحياة التي رسّخها المسيح في الكنيسة لتتغلب على ثقافة الموت التي بناها الإنسان. ثم حلّ عيد الفطر المبارك الذي يمثل فرصةً لاجتماع الناس على مستويات مختلفة في الصلوات واللقاءات العائلية والاجتماعية. ونستذكر هنا ما عبّر عنه الأديب والمفكّر المصرى عباس محمود العقاد بقوله؛ أن عيد الفطر يأتى بعد فترة يُمتحن فيها الإنسان فى فضيلتين من ألزم الفضائل له فى حياته الخاصة والعامة وهما «التضحية وضبط النفس»، ولعلهما ترجعان فى مصدرهما إلى أصل واحد وهو حرية الإرادة أو حرية الاختيار، وأسعد ما يكون العالم الإنسانى كله إذا نجا بهذه الفضيلة العليا من الشقاء الذى جرّه إليه نقيضها أي «الفوضى والتمرّد» والانطلاق بغير رادع من الإرادة ولاحسيب من الضمير.
في هذا الجوّ من الحرارة الإيمانية دخل لبنان في الانتخابات النيابية التي انتهت في مرحلتيها الأولى والثانية لانتخاب اللبنانيين في دول الانتشار وهي خطوة تجدّد الأمل في النفوس لما تحمله من دلالة على تعلقّهم بوطنهم الأم والتزامهم بقضاياه، وعسى أن تصبّ خياراتهم في خانة ضخّ دم جديد في العمل السياسي للنهوض بلبنان من الكارثة التي حلّت بشعبه.
وعلى مسافة أسبوع واحد من الإنتخابات العامّة على أرض وطننا النازف لا تزال الأجواء الضبابية مسيطرة في ظلّ تشكيك بحصولها من جهة، وتردّد في المشاركة بها أو حتى مقاطعتها وخوف من أن لا تأتي نتائجها ملبّية للطموح أو مخيّبة للآمال من جهة ثانية. ثمة تجربة لمقاطعة الإنتخابات حصلت خلال العام 1992 جاءت نتائجها أسوأ من أي نتيجة كانت لتتحقق لو شارك المقاطعون بالإنتخابات، وللمفارقة فان جميع الذين قاطعوا يومها عادوا اليوم لتحذير المقاطعين من الوقوع في الشُرُك، ويدعونهم إلى عدم الدخول في التجربة من جديد. على أي حال، السلبية ليست الطريق الآمن إلى أي حلّ، لكن المنحى الإيجابي يبقى هو الأسلم فإن لم يُنتج حلًا لا بد أن يشكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل.
يؤمل أن تحمل الانتخابات النيابية من معاني الفصح نهوض لبنان ثانيةً، ومن معاني الفطر التضحية وضبط النفس تأكيدًا لحرية إرادة اللبنانيين وحرية اختيارهم.