بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تموز 2019 12:01ص اللصوص الحقيقيون والمفاهيم الجديدة..!

حجم الخط
قرأت مؤخراً بحثاً أكاديمياً عن تغيّر القيم والمفاهيم في عصر الثورة الألكترونية والتحوّلات المادية، نتيجة لما أدخلته من ممارسات وعادات مستجدة في حياة الناس، قلبت المبادئ والقيم التي نشأنا عليها رأساً على عقب.

ويمكن اختصار معظم المتغيّرات التي غزت مجتمعاتنا بالرواية التالية: على طريقة الأفلام الهوليوودية، صرخ زعيم اللصوص موجهاً كلامه للموظفين العاملين في البنك الذي يتعرض لعملية سطو: لا تتحركوا. المال ملك الدولة. وحياتكم ملككم. انبطح الموظفون أرضاً، على عجل وبكامل رضاهم: وهذا يُسمى مفهوم تغيير التفكير!

وبعد انتهاء العملية ميدانياً، قال اللص الصغير، الذي يحمل شهادة جامعية، لزعيمه وكان الأكبر سناً، وهو خريج دراسة ابتدائية: يا زعيم دعنا نحصي الأموال التي حصلنا عليها، فنهره الزعيم: أنت غبي؟ إنها كمية كبيرة من الأموال، وعدّها يحتاج لوقت طويل، سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا: وهذا ما يسمى الخبرة! والخبرة اليوم أصبحت أهم من المؤهلات الورقية!

إثر مغادرة اللصوص البنك، قال مدير المصرف لمدير الفرع: اتصل بالشرطة فوراً. فردّ عليه مدير الفرع بكل ثقة: دعنا نأخذ ١٠ ملايين ونضيفها إلى السبعين مليوناً التي اختلسناها سابقاً . وهذا ما يسمى اليوم: السباحة مع التيار وتحويل الوضع لصالحك!

أُعجب مدير البنك بالفكرة: إذن سيكون رائعاً حصول كل شهر مثل هذه السرقة. وهذا ما يسمى: بالتمادي!

في اليوم التالي ذكرت نشرات الأخبار أن ١٠٠ مليون دولار تمت سرقتها من البنك! قام اللصوص بعدّ الأموال عدة مرات، وكان المبلغ لا يتجاوز العشرين مليون دولار. غضب اللصوص وقال زعيمهم: نحن خاطرنا بحياتنا من أجل ٢٠ مليون دولار، ومدير البنك حصل على ٨٠ مليون دولار وهو جالس في مكتبه . وخاطب اللص الصغير: من الأفضل أن تكون متعلماً من أن تكون لصاً. وهذا ما يُسمى: المعرفة تُساوي قيمتها ذهباً!

تابع مدير البنك عمله مغتبطاً لأنه أصبح مليونيراً، واستطاع تغطية كل خسائره في البورصة من أموال السرقة. وهذا ما أصبح يُسمى اقتناص الفرصة!

هذا يعني أن اللصوص الحقيقيون هم من أصحاب المناصب العليا، لكنهم لصوص بشهادات، ويتمتعون بكثير من الحصانات والامتيازات!