بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تشرين الثاني 2018 12:01ص الليسيه عبد القادر غابت الرؤية والرسالة..

حجم الخط
أزمة طلاب مدرسة «الليسيه عبد القادر»، تتجاوز مسألة بيع العقار الذي يضم مئات الطلاب وعشرات المعلمين، إلى فتح ملف واقع التعليم في لبنان عامة، وفي بيروت خاصة، بشقيه الرسمي والخاص، الذي يتخبط بعشوائية التخطيط، وفوضى الإدارة، وتطغى عليه معايير الربح السريع، على مفاهيم الرسالة التربوية السامية.
 من حق الورثة أن يتخلوا عن رسالة المدرسة، التي شاء الرئيس الشهيد أن يكون التعليم، بمختلف مراحله المدرسية والجامعية، القناة الرئيسية للنهوض بالوطن، الذي دمرته الحروب، ومزقت نسيجه عصبيات الجهل والتطرف.
 وعندما بادر إلى شراء مباني بعض المدارس في بيروت، إبان سنوات الحرب البغيضة، لم يكن يعقد صفقة عقارية رابحة، بقدر ما كان يسعى إلى إستكمال خطة إنقاذ الشباب والأجيال الجديدة، من براثن الحرب السوداء، ووضعهم على سكة المستقبل المفعم بدوافع الطموح والنجاح وبناء المستقبل المشرق.
 لم يكن إرساله لأكثر من ثلاثين الف شاب وشابة إلى أهم الجامعات العالمية مجرد خطوة عاطفية، ولا حرصه على توفير التعليم للآلاف من أبناء العاصمة وضواحيها، بمثابة عملية تجارية، كما هو حاصل اليوم عند كثيرين، بل ليعد رجال الغد للمساهمة في مهمات إعادة إعمار الوطن بشراً وحجراً.
 هذه الرؤية الوطنية بإمتياز، ومفاهيمها المستقبلية، غابت مع إستشهاد الرئيس، وأصبحت المؤسسات التربوية مجرد عقارات قابلة للبيع والإستثمار، بغض النظر عن قيمة بعض مبانيها الأثرية، أو دورها الرائد في إعداد أجيال المستقبل.
 ولكن المفارقة المفجعة أن عملية بيع عقار مدرسة الليسيه تمت بعد إنطلاق الموسم المدرسي، وعودة الطلاب إلى صفوفهم، حيث لم يعد بمقدور الأهل إيجاد المدارس البديلة القادرة على إستقبال أولادهم، في الشهر الثاني للموسم الدراسي الحالي.
 أما ما تردد عن نقل الطلاب إلى مبنى المدرسة الأنطونية في بعبدا، فهو أشبه بمزحة سمجة، تدل على أن صاحبها لا علاقة له بخصوصية تركيبة النسيج اللبناني، وراح يتصرف وكأن الطلاب مجموعة أثاث يمكن نقلهم بكل سهولة من منطقة إلى أخرى! 
رحم الله الرئيس الشهيد، وجزاه خيراً على كل ما قدمه، من مبادرات ومساعدات وتضحيات، لمجتمعه ووطنه!