كلام وزير الخارجية الفرنسية جان لوي لودريان في الإجتماع الوزاري الرباعي في باريس، يجدد الإدانة الدولية للمسؤولين والسياسيين اللبنانيين لفسادهم، وإستمرار فشلهم ليس في إدارة هذه الأزمة الخطيرة وحسب، بل ومعانداتهم المتشابكة التي تحول دون تشكيل حكومة إنقاذية، تنتشل البلد من دوامة الكوارث التي يتخبط فيها.
كيف يسمح أهل الحكم لأنفسهم بتعطيل السلطة التنفيذية، وتعميم هذا الشلل القاتل في إدارات الدولة، في وقت هي أحوج ما تكون إلى سلطة قوية ومتماسكة وقادرة على إتخاذ القرارات الإصلاحية الصعبة، لوقف الإنهيارات المتتالية، وإعادة الإنتظام إلى الحركة الإقتصادية التي تعاني من خلل فادح في مختلف القطاعات الإنتاجية، وفي مقدمتها الوضع المالي وتداعياته النقدية الدرامية.
ماذا تنفع هذ الوزارة لهذا الفريق، أو تلك الحقيبة لذلك التيار، إذا إستمر التردي والإنهيار على هذا المنوال، الذي يُضاعف الخسائر، ويزيد المشاكل تعقيداً، ويجعل من الإصلاح عملية أكثر صعوبة، وأكثر كلفة على البلاد والعباد.
لا ندري على ماذا يراهن جهابذة الحكم في مناوراتهم الخبيثة لتأخير الولادة الحكومية، وتعريض البلد لمزيد من الصعوبات والنكبات، حيث يكاد الإحتياطي النقدي أن ينفد، والعتمة تعم البلاد، والنظام المصرفي في حالة من التعثر غير المسبوق، والبطالة تسابق الكورونا في التفشي والإنتشار، والغلاء يلتهم ما تبقى من لقمة العيش، والفقر يتوسع بين اللبنانيين، ويدفعهم لتفجير ثورة الجياع.
الأوضاع المعيشية المتدهورة وضمور حجم الرواتب، وفقدان الليرة للقدرة الشرائية، لا تُعالج بترتيبات عشوائية لدعم رواتب العسكريين، ولا بتوفير المزيد من الدعم غير المدروس للمواد الغذائية، ولا بطبع مليارات جديدة من العملة الوطنية، بل بالتخلي عن الحسابات الحزبية الضيقة، وتقديم المصلحة الوطنية العليا، على ما عداها من المصالح الفئوية والشخصية، وكل ذلك يعني تسهيل ولادة الحكومة الجديدة أمس قبل اليوم، لقلب صفحة العزلة والحصار الحاليين، وإعادة قنوات التواصل مع الدول المانحة، وفتح أبواب التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، للحصول على المساعدات المالية الضرورية لإعادة إنعاش الإقتصاد الوطني.
الشاعر قال: ما لجرح بميت إيلام..، فكيف إذا كانت المسؤولية الوطنية عند أهل القرار بحكم الميتة!!