ليس ما يُشير إلى أن الجلسة النيابية اليوم ستختلف عن الجلسة السابقة، حيث الورقة البيضاء ستكون هي الحاصلة على العدد الأكبر من الأصوات، مع تقدم طفيف لمرشح المعارضة النائب ميشال معوض قد لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة.
غير أن اللافت في جلسة اليوم هو غياب كتلة التيار العوني، بحجة إستذكار خروج العماد عون من بعبدا تحت وابل القصف السوري للقصر الجمهوري، بهدف إنهاء التمرد على إتفاق الطائف، والإعتراض العوني على وقف الحرب البغيضة وعودة السلام إلى الربوع اللبنانية.
مقاطعة جلسة اليوم تبقى في إطار الممارسة الديموقراطية المشروعة، أما النزول إلى الشارع ونشر الفوضى في الطرقات، وإطلاق شعارات التحريض والكراهية، بحجة الإعتراض على عدم تأجيل الجلسة، فيُعتبر خروجاً عن الإنتظام العام، وتهديداً لما تبقّى من أمن وإستقرار في هذا البلد المنكوب، خاصة وأن مثل هذه التحركات الشعبوية تأتي في وقت أحوج ما يكون فيه البلد إلى حالة من التهدئة السياسية لإلتقاط الأنفاس، والإفساح في المجال لإستكمال إجراءات الترسيم البحري مع العدو الإسرائيلي، والإعداد لإطلاق ورشة التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البحرية.
غني عن القول أن تحركات التيار العوني لن تُغيّر من مسار الأزمة السياسية التي يتخبط فيها لبنان، عشية إنتهاء أكثر العهود سوداوية في التاريخ الإستقلالي، حيث لا مؤشرات توحي بقرب الولادة الحكومية، ولا مقدمات توافقية لإنتخاب رئيس الجمهورية، مما يُرجح إمكانية أن تتولى حكومة تصريف الأعمال الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية، وفق أحكام الدستور التي تنص على أن يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحية الرئيس في حال شغور مركز الرئاسة الأولى.
أما ما يتردد عن تهديدات باسيل بتوجيه حشود إلى قصر بعبدا «لمنع» الرئيس من مغادرة المقر الرئاسي وتسليم السلطة إلى حكومة تصريف الأعمال، فيبقى من باب التهويل الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، لأن مفاعيل النصوص الدستورية تبقى أقوى من كل الإستعراضات الشعبوية الفارغة.