غريب أمر هذه الطبقة الحاكمة التي ما زالت تتصرف في الملفات الحاسمة، مثل تشكيل الحكومة، وفي الأزمات المتفاقمة بعد كارثة ٤ آب، وكأن الدنيا بألف خير، وكمن إذا بصقت في وجهه يعتبر أن المطر ينهمر أمامه!
أوضاع البلد تتدحرج إنهياراً، على مختلف المستويات: الإقتصادية والمالية، الإجتماعية والمعيشية، سياسياً وأمنياً، وأكثر من ٣٠٠ ألف عائلة مشردة من منازلها المهدمة أو المتضررة في إنفجار المرفأ، وإرتفاع نسب البطالة والإفلاسات إلى معدلات غير مسبوقة، مع تمدد موجات الفقر لتطال أكثر من ٥٠ بالمئة من اللبنانيين، ورغم كل هذه المصائب، تتمسك المنظومة السياسية بمواقعها الفئوية، وتتشبث بمصالحها الأنانية، في النقاشات الدائرة حول تركيبة الحكومة العتيدة!
سياسة الإنكار والمكابرة التي تطبع سلوك أهل السلطة تحول دون إدراك أصحاب القرار عمق المتغيرات المتلاحقة في الداخل اللبناني، منذ إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين، والتي بلغت ذروتها إثر وقوع الإنفجار الزلزالي في المرفأ، والتي تُحتم الإقلاع عن ذهنية المحاصصة، وجشع تقاسم النفوذ، وإغتنام فرصة المبادرة الرئاسية الفرنسية، وما أدت إليه من إنفتاح دولي جديد على لبنان، وتسريع الولادة الحكومية، بما يُلبي رغبات المجتمع الدولي بمساعدة البلد المنكوب، بعد تنفيذ الإصلاحات المالية والبنيوية المطلوبة.
المطالبة بتوسيع الحكومة العتيدة، ومحاولة مشاركة أطراف سياسية فيها، تُطيحان بأبسط المفاهيم الإصلاحية، التي تبقى في صلب الشروط الدولية لفتح باب المساعدات المالية والإنمائية العاجلة، وتُؤخران إنجاز عملية التأليف، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تستعيد الثقة الخارجية، وتضع الخطط المالية المناسبة لإخراج البلاد والعباد من دوامة المحن والأزمات التي تتخبط فيها.
.. ويتحدثون عن عصا ماكرون والتي هدد فيها بإستخدام العقوبات ضد المعرقلين للولادة الحكومية، من رسميين وسياسيين..،
تُرى ألا يستحقون أقصى العقوبات في حال رفضوا تسهيل مساعي الإنقاذ قبل فوات الأوان؟