بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 حزيران 2020 08:13ص حبس أنفاس خوفاً من المحذور..

حجم الخط
هل يتكرر المشهد الوطني الشامل الذي جسدته إنتفاضة ١٧ تشرين؟

مشروعية السؤال مستمدة من الهواجس المحيطة بتظاهرات اليوم، وما يرافقها  من مخاوف عودة الإنقسام إلى الشارع، حول الشعارات الجديدة لبعض أطراف حراك اليوم الذي  وضع سلاح حزب الله في صلب مطالبه الوطنية والمعيشية الأخرى.

الإنتفاضة التشرينية تجنبت الدخول في الملفات السياسية الخلافية،  وموضوعات التجاذب والخلافات الداخلية، وركزت على القضايا المطلبية والإصلاحية، وفي  مقدمتها إدانة الطبقة السياسية الفاسدة، والمتهمة بنهب أموال الدولة، وإيصالها إلى الإفلاس.

إستقطب حراك ١٧ تشرين إجماعاً وطنياً نادراً، وأشعل نار التمرد والرفض والثورة على الواقع الإقتصادي المتردي، وضد الطغمة السياسية العاجزة والفاسدة، وخرجت الجماهير في مختلف المناطق، من الشمال إلى الجنوب، ومن بيروت والجبل إلى البقاع وصولاً إلى بعلبك  والهرمل، تردد شعارات واحدة، وترفع علماً واحداً هو علم الوطن.

 من حق شباب تشرين العودة إلى الشارع اليوم، بعد فشل حكومة التكنوقراط في تحقيق أي إنجاز إصلاحي، مالي أو إداري، وإثر تفاقم الأحوال المعيشية بعد إنهيار الليرة وإستشراء الغلاء الفاحش، وتراجع أوضاع الكهرباء، وتفشي البطالة في مختلف القطاعات  الإنتاجية والخدماتية، وعدم القدرة على إخراج البلد من العزلة العربية والدولية ، وتعثر  المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ولكن تغيير برنامج الحراك وأهدافه، ودخول أجندات جديدة عليه، وإستنكاف  بعض المدن والمناطق عن المشاركة فيه، من شأنه أن يُضعف زخم الحراك من جهة، ويُعيد حالة  الإنقسام إلى الساحات من جهة أخرى، ويوفر المناخات المناسبة لتدخلات سلطوية مختلفة،  لتشويه سلمية الحراك، وإجهاضه في مرحلة مبكرة، وقبل الوصول إلى أهدافه الإصلاحية  والوطنية.

هي ساعات حبس الأنفاس اليوم، لأن ثمة من يتربص بالحراك الدوائر، وأجواء  التوتر والإحتقان تفرض الترقب والحذر من الوقوع في المحذور، وتتحول الإعتصامات إلى  ساحات للعنف المتفلت، الذي قد نعلم كيف يبدأ، ولكن لا أحد يعرف كيف يتطور، وإلى أين  يمكن أن يأخذ البلاد والعباد، في هذا الزمن الأسود.