خطورة المواجهة السياسية التي إحتدمت عشية جلسة مجلس الوزراء الإستثنائي، أنهت طابع الإنقسام الطائفي البغيض، رغم تلبية وزراء مسيحيين لدعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال وحضورهم الجلسة، وتأمين نصاب الثلثين من جهة، وتوفير المعايير الميثاقية من جهة ثانية.
ولكن «ليس في كل مرة تسلم الجرّة»، حسب المثل اللبناني المعروف. التحديات بلغت ذروتها بين الفريق المؤيد للجلسة والآخر المعارض لها، وجمعت أطرافاً على تناقض في المواقع السياسية، مثل القوات والكتائب ومعهما التيار العوني وتيار المردة، وباعدت بين أفرقاء، كانوا حتى الأمس القريب، يتصرفون كحلفاء في السراء والضراء، مثل حزب الله والتيار العوني.
يمكن إعتبار تلك المواجهة بمثابة قطوع ومرق، ولكن أكد بشكل جدّي ضرورة العمل على إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وإنتخاب رئيس الجمهورية، بأسرع وقت ممكن، حتي لا يبقى النظام السياسي، المتعثر أساساً في الأزمات المتكاثرة، عُرضة للإهتزاز والخضات الصادمة، عند كل ملف خلافي.
لقد أصبح واضحاً أن إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية من شأنه أن يُعيد بعض التوازن إلى تركيبة السلطة، ويساعد على إنتظام عمل المؤسسات الدستورية، ويُدَوْزن الحياة السياسية والتشريعية، التي يبقى لبنان بأمسّ الحاجة إليها في هذه المرحلة الصعبة، لتشريع القوانين الإصلاحية، وسلوك سبل الإنقاذ، للخروج من دوامة الكوارث التي تتساقط على اللبنانيين بخطى متسارعة يوماً بعد يوم.
وأثبتت التجارب أن إتفاق الطائف لم يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية لإعطائها لرئيس الحكومة، بل أناط قرار السلطة التنفيذية في مجلس الوزراء مجتمعاً. وبالتالي لا يستطيع رئيس الحكومة أن يقوم مقام رئيس الجمهورية، في حال الشغور الرئاسي، ولا أن يُمارس أياً من صلاحيات الرئيس، التي تبقى من إختصاص مجلس الوزراء وحده.
لذلك كان من الأفضل أن يبقى الخلاف حول إنعقاد جلسة الإثنين، في إطار الخلاف السياسي، ولا يتم إستغلاله في البازار الطائفي اللعين، كما فعل التيار العوني ورئيسُه.
لبنان الوطن الجريح، يستحق منا أن نبحث عن كل ما يجمع لنخفف من معاناة الناس اليومية، وننبذ كل ما يُفرق لنستطيع إنقاذ البلد من الأخطار التي تهدده من كل حدب وصوب.
… وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وأما زبد المزايدات والصراعات الفارغة فيذهب جفاء.