لا ردة فعل المسؤولين، ولا حركة الشارع وغضب الناس، كان على مستوى المخاطر التي يحملها التدني المستمر في سعر الليرة، والتداعيات الدرامية على حياة اللبنانيين اليومية، التي تحولت إلى معارك كرّ وفرّ مع اسعار السلع الغذائية، المستمرة في الإرتفاع بين وساعة وأخرى.
مازالت عقلية الكيدية والمعاندة والنكايات هي المتحكمة في مواقع القرار، رغم الكوارث اليومية التي تتوالى على البلد، ورغم المصائب التي تتساقط على رؤوس الناس، بعد هذا التفلت المخيف في أسعار الدولار، وما يرافقه من توغل الغلاء في كل الحاجيات الضرورية، والتراجع المريع في قيمة الرواتب ومداخيل صغار التجار والحرفيين.
خسرت الليرة ربع قيمتها خلال يومين فقط، واهتزت قواعد الأمان الإجتماعي، وإرتفعت معدلات الفقر إلى نسب جديدة، ومع ذلك لم يحرك أهل القرار ساكناً، وبقيت الحكومة العتيدة أسيرة المواقف المتناقضة، والمحاصصات المغرضة، وضحية الثلث المعطل الذي يصر عليه فريق العهد، رغم معارضة كل الأطراف السياسية لذلك، فضلاً عن عدم موافقة الدول المعنية بالأزمة اللبنانية.
إنهارت الأساسات التي كانت تحمل السقف اللبناني، والإنهيار الشامل للبيت اللبناني بات قاب قوسين أو أدنى، وثورة الجياع تخلع أبواب السلطة، والمنظومة الحاكمة تصم آذانها عن آلام الناس، وتشيح بنظرها عن صور الإشتباكات في السوبرماركت للإمساك بكيس عدس أو علبة حليب للأطفال بسعر مدعوم، لأن معظم المواد المدعومة تلاعب بأسعارها التجار في الداخل، وعمدوا إلى تصدير الكثير منها إلى الخارج.
إلى متى يبقى حكام هذا الزمن الرديء أسيري مواقف العناد والكيد والإنكار؟ لماذا يبقى المسؤول في منصبه إذا كان عاجزاً عن إدارة شؤون البلاد والعباد، وغير قادر على مواجهة الأزمات والتصدي للتحديات؟
وما الفرق بين الحاكم العاجز وذلك الفاشل،.. أليست المصيبة واحدة في تداعياتها ونتائجها المدمرة على الوطن وأهله؟
إلى المتلهين عن وجع الناس نقول: حلّوا الأزمة ... أو حلّوا عنا!!