بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 حزيران 2020 07:20ص دخل الإفتاء كبيراً وخرج منه شامخاً..

حجم الخط
بعض المناصب تكبر برجالها، وبعض الرجال يكبرون بأدوارهم ورسالاتهم ومواقفهم.

مركز إفتاء طرابلس كان دائماً مميّزاً بمستوى العلماء الذين تعاقبوا على كرسي إفتاء الفيحاء، وبالمواقف الوطنية الكبيرة التي هي بمثابة النواة الصلبة لميثاق العيش الواحد بين اللبنانيين.

هكذا هو تاريخ الإفتاء في العاصمة الثانية، من أيام المفتي العملاق الشيخ نديم الجسر، إلى مفتي العلماء الشيخ طه الصابونجي، إلى مفتي الاعتدال والحوار الشيخ مالك الشعار، الذي غادر الإفتاء قبل أيام، تاركاً خلفه مدرسة بالإيمان والصبر، ومهارة مشهودة في استيعاب الأصدقاء والخصوم، والعمل الدؤوب على التوليف بين قلوب أبناء المدينة وشبابها، الذين يدفعون عادة فواتير الخلافات السياسية والأمنية من أرواحهم ودمائهم وممتلكاتهم.

أتاحت ثقافات المفتي الشعار المتعددة، وتبحّره في العلوم والحضارة الإسلامية، مكانة مرموقة في مجالس الحوار الإسلامي - المسيحي في لبنان والخارج، حيث شارك في مؤتمرات عالمية في باريس وواشنطن وفيينا، فضلاً عن مشاركاته في مؤتمرات الأزهر في القاهرة، ورابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ومحاضرات عديدة في أبوظبي والكويت والدول الخليجية الأخرى.

تحوّلت دارته إلى مقر مفتوح لاجتماعات فعاليات الفيحاء، خاصة في أيام الأزمات العصيبة التي كانت تداهم المدينة، حيث كانت الشخصيات السياسية والحزبية تعلق خلافاتها خارجاً، وتجلس جنباً إلى جنب مع المراجع الروحية الإسلامية والمسيحية، ويتشارك الجميع في البحث عن حلول للأزمات الطارئة.

عندما انتخب القاضي الشعار مفتياً لطرابلس والشمال قبل اثني عشر عاماً، توقع «قاضي القضاة» يومذاك أن تُزعج ديناميكية المفتي الجديد بقية المفتين، المستمرين بمناصبهم بالتعيين أو التمديد المديد!

الشيخ مالك الشعار المفتي الوحيد المنتخب بين مُفتي المناطق، منذ عقود من الزمن، اعتذر عن تكرار مرارة التمديد، وآثر مغادرة الإفتاء بعد انتهاء الولاية الشرعية، وأشهر التمديد القسري.

دخل الإفتاء كبيراً.. وخرج منه شامخاً!