بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 نيسان 2022 08:11ص سألني: متى تُصبح بيروت مثل دبي..؟

حجم الخط
المشهد المؤثر الذي رسمه الشيخ محمد بن راشد في مذكراته عن انبهاره ببيروت عندما كان يزورها شاباً في مطالع الستينات، ويتساءل:متى ستصبح دبي مثل بيروت، إنقلبت صورته رأساً على عقب، حيث أصبح الشباب اللبناني الذي يتدفق إلى دبي هذه الأيام بحثاً عن فرص عمل مجزية، أكثر إنبهاراً بلؤلؤة الخليج العربي، أبرز المدن العربية التي حققت إنتشاراً عالمياً في فترة  زمنية قياسية، وتكاد تكون المدينة السياحية الدولية الفريدة من نوعها في الشرق الأوسط، نظراً لحجم السياح الأجانب الذين يأتون إليها من قارات العالم الخمس، صيفاً وشتاءً، وعلى مدار الأشهر كلها. 

بيروت كانت في ذلك الزمان الجميل قبلة الشرق والغرب، وواحة العرب الحضارية،  جمعت أرقى الجامعات، وأقامت أفضل المستشفيات، وقدمت أسرع الخدمات المصرفية، وإعتمدت السرية المصرفية لتكون  مركز أكثر الأنظمة المصرفية أماناً، وتزينت شوارعها بالإنارة الحديثة وزينة الأعياد الوطنية والدينية، وزاوجت أسواقها بين المباني التراثية والبنايات الشاهقة الحديثة، وكانت الحياة فيها المزدهرة بالسياح العرب والأجانب لا تهدأ ليلاً ونهاراً، وإستحقت بجدارة لقب جوهرة الشرق.

 سيدة العواصم تحولت اليوم إلى أرملة مهيضة الجناح، مكسورة الخاطر، فريسة المعاناة الموجعة نتيجة الإهمال المزمن، وصابرة على ما تتعرض له من تجاوزات وإنتهاكات لا تعرف للقانون طعماً، ولا للنظام لوناً. الشوارع مظلمة، وبيوتاتها تخيم عليها العتمة. المستشفيات تنهار وتُقفل أبوابها الواحدة تلو الأخرى، والباقي منها في العمل بالكاد يستطيع توفير الخدمات الصحية المطلوبة. الجامعات مهددة بالتوقف وطلابها يخشون التشرد. الأسواق تُعاني من القلة، وقلب العاصمة تسكنه الأشباح بعدما إجتاحته جحافل المشاغبين والمخربين، ومزّقت أوصاله الحواجز الأمنية والصراعات السياسية. والطرقات تغطيها أكوام الزبالة، والأنفاق تفتقد إلى أبسط معايير السلامة.

سألني حفيدي: متى تصبح بيروت عروساً متلألئه مثل دبي؟ 

قلت له: ربما بعد نصف قرن، في حال جاءنا رفيق آخر، أو خرج من صفوفنا حاكم مثل الشيخ محمد!