بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2019 12:40ص سلام عليك يا نقيب الإيمان والأخلاق..

حجم الخط
الحشد الكبير الذي حضر إلى مركز عدنان القصار أمس، للمشاركة في إحتفال تكريم نقيب الصحافة محمد البعلبكي في ذكرى غيابه الثانية، لم يأتِ تحية لمكانة الراحل المهنية والإجتماعية وحسب، بل أيضاً تقديراً للقيم والمبادئ الأخلاقية التي كان يتمسك بها، وإحتراماً للمناقبية المهنية والنقابية العالية التي كان يتحلى بها، طوال فترة توليه رئاسة نقابة الصحافة لثلاثة عقود ونيف من الزمن.
 الأزهري، الذي درس في أزهر لبنان بمطلع شبابه، وخريج الجامعة الأميركية في الآداب العربية، وإبن العائلة البيروتية العريقة والمحافظة، حرص أن تبقى حياته وسيرته الشخصية، بمستوى الثقافة الدينية والعلمية التي حصّلها في شبابه، والتي جمعت بين علوم الدين وثقافة الدنيا، في مزيج عقلاني ومتوازن، لا يستطيع الوصول إليه إلا أصحاب الفكر المتنور والمتحرر من وهم القيود البالية، حيث كان من المؤمنين بمبادئ الحوار والإنفتاح والتسامح مع الآخر، خاصة إذا كان شريكاً، ليس في المواطنية وحسب، بل وفي المصير إيضاً وما قد يحمله من ضراء حيناً، ومن سراء أحياناً أخرى.
 وطنيته لم تكن من نوع التغني بالميجانا والعتابا، بل كانت فعل إيمان بالوطن الذي لا تقف آفاقه عند الحدود المصطنعة في خريطة سايكس  بيكو، بل تمتد لتشمل بلاد الشام وفلسطين، وصولاً إلى العمق الإستراتيجي في بلاد الحرمين، مع كل ما يعنيه ذلك من تمسك بالعروبة الحاضنة لكل مكونات الأمة، من أديان وأطياف وأصول وأجناس، عاشت معاً في أمن وسلام آلاف السنوات.
 تعرضه للمحن والسجن لم يُثْنِه عن إيمانه العميق بالقدر الإلهي وقضائه العادل، الذي كان يستمد منه تفاؤله الدائم، حيث لا بد من الفرج بعد الشدة، على قاعدة «إن بعد العسر يسراً».
 سألته مرة : ألا تخاف من الموت وقد بلغت من العمر عتياً؟ فابتسم وأجاب بلهجة المؤمن: الموت يا عزيزي هو طريق العبور الإلزامي إلى الحياة الخالدة!
سلام عليك، يا نقيب الإيمان والأخلاق، يوم مُتّ ويوم تُبعث حياً.