بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تموز 2019 12:05ص سياسة كمّ الأفواه تُضاعف النقمة والغضب..

حجم الخط
ظاهرة جديدة بدأت تنتشر في هذا العهد اسمها: جرائم المعلومات، تقضي بملاحقة كل من يتناول أي مسؤول بالنقد على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى ولو كان رئيس بلدية، ولو كان صاحب الانتقاد من مواطني بلديته!

وسائل التواصل في العالم المتمدّن تحوّلت إلى منابر حرة للمواطنين، للتعبير عن آرائهم ومواقفهم من أداء المسؤولين، ومما يجري حولهم في البلد، من تطورات اجتماعية ومحلية، وأصبحت نتائجها تدخل في صلب دراسة اتجاهات الرأي العام في البلد من قضايا الساعة، أو حول مسائل محددة يتم طرحها عبر استفتاءات على الشبكة العنكبوتية، ويُبنى على الشيء مقتضاه، بالنسبة للمسؤولين والمعنيين بمتابعة نبض الشارع من الملفات المطروحة.

أما في لبنان، فالأمور تمشي بالمقلوب، حيث ممنوع على المدوّنين، وخاصة الشباب، التعرّض لأي شخصية عامة، في معرض النقد أو إبداء الرأي حول تصرفاتهم أو أخطائهم، وكأنهم من جنس الملائكة المنزّهين عن الخطأ، والبعيدين كل البعد عن شرور الفساد وروائحه الفاضحة!

ولا تكاد التقارير الأمنية اليومية تخلو من إشارات إحالة العديد من الشباب والمدوّنين إلى القضاء للتحقيق بما نشروه على حساباتهم الألكترونية، والذي تضمّن انتقاداً لمسؤول ما أو شخصية عامة، بتهمة الذم والقدح، وتوجيه «الاتهامات الباطلة»!

والمسؤولون المعنيون يدركون أكثر من غيرهم، حجم التردّي الذي يموج فيه البلد، والانعكاسات السلبية على الناس، بتداعياتها المعيشية والاجتماعية، وما تسببه من ضغوط وضيق في حياة المواطنين اليومية، حيث يجدون في وسائل التواصل متنفساً للتفريج عن كربهم، بعدما أقفل المسؤولون الأبواب والآذان عن سماع أنين الشعب!

إن سياسة كمّ الأفواه، بترهيب الناس وتهديد حياتهم العملية والعائلية عبر الإحالة إلى التحقيق لأبسط الأمور، ستزيد الهوّة بين أهل السلطة ومواطنيهم، وستضاعف نقمة الناس وغضبهم على ما وصلت إليه الأمور في بلد كان يوماً مَوئِلاً للحريات العامة، ونموذجاً للتعددية والديموقراطية في المنطقة!