جريمة قتل الصيدلانية ليلى رزق ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة في مسلسل الجرائم المتنقل في مختلف المناطق، دون رادع قادر على الحد من إنتشار هذه الظاهرة التي تتوغل في حياتنا اليومية، مهددة آخر خطوط الأمن الإجتماعي.
المفارقة أن معدل الجرائم في إرتفاع مضطرد، في حين أن القبضة الأمنية للدولة في تراجع مستمر، والبلد يعيش تحت رحمة الأمن المتفلِّت من أبسط الضوابط، والمنظومة السياسية لا همّ لها سوى حصد الأصوات في الإنتخابات.
الملابسات التي أحاطت بجريمة بلدة أنصار المروعة، والتي قام القاتل وشريكه بإطلاق الرصاص بدم بارد على الأم وبناتها الثلاث ودفنهنّ في المغارة، كشفت مدى مخاطر السلاح المتفلّت، ومستوى الإجرام المتغلغل في نفوس الأجيال الجديدة، وسهولة اللجوء إلى العنف في معالجة الإشكالات والمشاكل، العاطفية منها والمالية.
السرقات التي تتم في الشوارع، للسطو على حقيبة نسائية، أو جهاز خليوي في غفلة عن صاحبه، تبقى في إطار الأزمات الإجتماعية والمعيشية التي تُهيمن على شرائح واسعة من المكونات اللبنانية، والتي قد يجد البعض أسباباً تخفيفية لتبريرها. أما إرتكاب عمليات القتل المتعمّد تحت جناح الليالي الظلماء، سواء لأسباب عاطفية أو لدواعي السطو والسرقة، فتحتاج إلى وجود الحد الأدنى من هيبة الدولة، وتأكيد فعاليتها الأمنية والقضائية الرادعة، للحد من إستسهال إرتكاب الجرائم للسرقة والتصفيات الجسدية للخلافات العائلية، كما يحصل في العديد من المناطق بين الأخوة حيناً، أو بين الأقارب المختلفين على أحقية مرور، أو على ترسيم حدود عقار أحياناً كثيرة.
عند وقوع الجريمة يُسارع المسؤولون إلى التباري بخطابات جوفاء من نوع : «الجريمة لن تمر دون عقاب». وفي اليوم التالي ينسى المسؤول ما تعهد به، ويتكرر وقوع الجرائم دون عقاب!
إضراب الصيادلة أمس إحتجاجاً على مقتل زميلتهم ليلى رزق، صرخة حق مدوية، المهم أن لا تضيع في وديان جهنم التي أوصلنا إليها المسؤولون بكل فخر واعتزاز!