بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 أيار 2020 07:10ص صورة عن حالة الاهتراء في الدولة..

حجم الخط
مسألة اختلاف أرقام الخسائر بين خطة الحكومة، وحسابات البنك المركزي وجمعية المصارف، تعتبر فضيحة مجلجلة، تكشف مرة أخرى حالة التردي والانهيار في بُنية الدولة، التي تكاد تتحوّل إلى مجموعة دويلات، متناقضة في الخطط، ومتباعدة في آليات التنفيذ، ومتصارعة في تحديد المنطلقات لمسيرة الإصلاحات الموعودة.

الانطباع الأوّلي يوحي بأن الذين وضعوا الخطة الحكومية، ليسوا على مستوى العلم والخبرة المطلوبين للتصدي لمثل هذه المهام الصعبة، في بلد يُسابق الزمن للحصول على المساعدات المالية العاجلة، قبل أن يلفظ اقتصاده أنفاسه الأخيرة.

ولا ضرورة للخوض في تفاصيل هذا الانطباع عن نوعية الخطة ومضمونها، طالما أن الحكومة لم تُكلّف نفسها «مشقة» استشارة القطاعات الاقتصادية، ولم تُفسح المجال أمام القطاعات الإنتاجية والمالية للمشاركة في رسم الخطوط العريضة للمسيرة الإنقاذية.

ولكن من أخطر تداعيات هذا الواقع المؤسف، والذي أظهر البلد في حالة بشعة من الانقسام، ستكون في ردّة فعل الوفد المفاوض في صندوق النقد الدولي، الذي أبدى عدة ملاحظات انتقادية على الخطة الحكومية، وأبدى حيرته بين الأرقام المتفاوتة بين ممثلي الحكومة ومندوبي البنك المركزي.

من حق وفد الصندوق أن يتساءل: أين الأرقام الصحيحة؟

وإذا كانت حسابات الخسائر في ورقة الحكومة مبالغ فيها، كيف يمكن الاعتماد على ما ورد في الخطة من اقتراحات وخطوات لإصلاح ذات البين، والخروج من العجز المالي المتفاقم؟

وكيف يمكن إثبات صحة أرقام البنك المركزي من دون التدقيق في تفاصيل الحركة النقدية، والقروض التي تم تقديمها للحكومات المتعاقبة، بما فيها كلفة الهندسات المالية، وخدمة المديونية العالية؟

وهل يعقل أن يذهب وفد مُركّب من عدة مرجعيات مالية ونقدية إلى مفاوضات بهذه الجدية، وعلى مستوى عالٍ من الأهمية، من دون عقد جلسة تنسيق واحدة على الأقل بين أعضائه، خاصة وأن التباينات بوجهات النظر والاجتهادات بين هذه المرجعيات سبقت الجلوس على طاولة المفاوضات مع الصندوق الدولي؟

...هي صورة عن حالة الاهتراء والتردّي التي ضربت الدولة اللبنانية، وعطلت لغة العقل والمنطق، وغيّبت الحكم الرشيد في زمن أحوج ما يكون فيه البلد إلى رجال دولة على مستوى المسؤولية الوطنية!